|
باب مقالات
تركمان العراق: جزءٌ
لا يتجزّأ من التراث العراقي والتنوّع الوطني
خاص بمبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام
بالتعاون بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية
الرقمية
يُعدّ التركمان أحد أبرز المكونات القومية في العراق إلى جانب
العرب والكُرد، إذ يمتد وجودهم لقرون طويلة، وكان لهم دور مهم في
تشكيل البنية التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية للبلاد.
إن فهم مكانة التركمان في النسيج الوطني لا يثري فقط الوعي بالتعدد
الثقافي، بل يعزّز مفهوم المواطنة المشتركة في إطار دولة التنوع
العراقي.
التاريخ والأصول
يُنسب التركمان العراقيون إلى القبائل التركية المنتمية إلى الفُرع
الأوغوزي (Oghuz)، التي هاجرت إلى منطقة بلاد الرافدين خلال القرون
الوسطى، خصوصًا في فترات الحكم الإسلامي الأولى.
وقد لعبوا أدواراً بارزة في الإدارات العسكرية والسياسية خلال
العصور العباسية والسلجوقية، ثم في الدولة العثمانية التي أتاحت
لهم مواقع متقدمة في إدارة المدن الكبرى كـ كركوك، تلعفر، والموصل
(UNPO؛ repository.bilkent.edu.tr).
وفي العهد العثماني تحديداً، كان للتركمان حضور قوي في الجهاز
الإداري والعسكري، وبرز منهم عدد من العلماء والأدباء والضباط
الذين أسهموا في الحياة العامة للعراق (UNPO؛ turkmen.nl).
اللغة والهوية الثقافية
يتحدث تركمان العراق اللغة التركمانية، وهي إحدى اللغات التركية
الأوغوزية، وتتأثر لهجاتها بالمفردات العربية والفارسية بسبب
التفاعل التاريخي والثقافي في المدن العراقية (dergipark.anas.az).
ويتميّز الفلكلور التركماني بالموسيقى والمأكولات والاحتفالات ذات
الطابع الخاص، مثل الأغاني الشعبية والرقصات التقليدية، التي تختلف
تفاصيلها بين مناطق تلعفر وكركوك وأربيل (turkmen.nl؛
dergipark.anas.az). هذه العناصر تمثل جزءًا مهماً من الفسيفساء
الثقافية العراقية.
الموقع الجغرافي والحجم السكاني
يتركّز الوجود التركماني في مناطق الشمال والشمال الغربي من
العراق، خاصةً في كركوك وتلعفر والموصل، ويمتد وجودهم أيضًا في
أطراف محافظات أربيل، صلاح الدين، وديالى (DFAT؛ turkmen.nl).
تقديرات عددهم تختلف بين المصادر، إذ تشير بعض التقارير إلى أنهم
يشكّلون ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين نسمة، فيما تقدّر أخرى
العدد بأقل من ذلك، تبعًا لمنهجيات التعداد والتصنيف القومي (DFAT؛
turkmen.nl).
المساهمات في التراث العراقي والتعددية الوطنية
ساهم التركمان عبر التاريخ في المجالات السياسية والاجتماعية، إذ
برز منهم مسؤولون وإداريون ومثقفون ضمن أجهزة الحكم المختلفة، كما
شاركوا في الحركات الوطنية التي طالبت بالاعتراف بحقوقهم اللغوية
والثقافية بعد عام 2003 (repository.bilkent.edu.tr؛ DFAT).
وفي المجال الثقافي، ما زال التركمان يسعون للحفاظ على اللغة
والأدب والتراث الشفهي بوصفه جزءًا من الهوية العراقية المتعددة
الثقافات (dergipark.anas.az).
كما كان للتفاعل بين التركمان وبقية المكونات – العرب والكُرد
وغيرهم – دور في إثراء الثقافة العراقية المشتركة، لا سيّما في
ميادين الشعر والموسيقى والمأكولات والعادات الاجتماعية، مما عزّز
من روح التعايش والتبادل الثقافي.
ختاماً
إن تركمان العراق مكوّن أصيل من النسيج الوطني العراقي، يحمل إرثاً
حضارياً متجذراً يثري الهوية الجامعة للبلاد.
فمن لغتهم وثقافتهم إلى مشاركاتهم التاريخية والاجتماعية، يشكلون
حلقة مهمة في بناء التنوّع العراقي. إن تعزيز حقوقهم الثقافية
والسياسية ينعكس إيجاباً على الاستقرار الوطني ويُعزز قيم المواطنة
والمساواة والتعددية التي يقوم عليها مستقبل العراق المدني
والديمقراطي.
المصادر
1. UNPO. Turkmen of Iraq: Cultural and Political Overview.
2. Bilkent University Repository. Turkmen Identity and Political
Participation in Iraq.
3. DFAT (Department of Foreign Affairs and Trade, Australia).
Iraq Country Report – Ethnic and Religious Minorities.
4. Turkmen.nl. Iraqi Turkmen Culture, Language, and Heritage
Resources.
5. Dergipark.anas.az. Iraqi Turkmen Folklore and Linguistic
Heritage Studies.
المصدر الأصلي: منصة مبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام بالتعاون
بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية
|