|
فعاليات الحملة
المحبة والسلام من زاوية الاختصاص
الكلمةُ المكتوبةُ والمُتَرجَمَة جسرٌ حي يربطُ بين الشعوبِ

ضيفة الزاوية:
الكاتبة والصحافية نرمين المفتي
خاص بمنصة مبادرة حملة ثقافة المحبة
والسلام، الحملة المشتركة بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء
الأمير الإلكترونية الرقمية
زاوية نلتقي فيها مع أصحاب الاختصاص لنطرح عليهم أسئلة حول سبل
تعزيز ثقافة المحبة والسلام، واستلهام رؤاهم في بناء مجتمع متعايش
ومنسجم.
ضيفُتنا هنا الكاتبة والصحافية نرمين المفتي التي تكتب باللغات
العربية والإنكليزية والتركية، وقد وجَّهنا له السؤال الآتي:
• كيف يمكن للكلمة المكتوبة، سواء في الصحافة أو الأدب أو الترجمة،
أن تزرع قيم المحبة والسلام، وتساهم في تعزيز التفاهم بين الثقافات
المختلفة؟ وهل هناك تجربة شخصية أو نص شعرتِ أنه حقق تأثيراً
ملموساً في نشر هذه القيم؟
فأجابت قائلة:
ـ الكلمة المكتوبة ليست مجرد حروف على الورق، بل هي بذور تلقى في
أرض الوعي الإنساني، لتثمر أفكاراً ومواقف وسلوكيات. في الصحافة،
يمكن للمقال الصادق أن يفضح خطاب الكراهية ويعلي من شأن الحوار،
وفي الأدب يستطيع النص أن يفتح نوافذ على عوالم الآخرين، فيجعلنا
نرى في اختلافهم جمالاً لا تهديداً.
وعن الترجمة، قالت إنها جسر حي بين الشعوب، تنقل عبره التجارب
الإنسانية لتؤكد أنّ الألم واحد، والفرح واحد، وأننا جميعاً أبناء
قصة كبرى اسمها الإنسانية. الكلمة المكتوبة، سواء في الصحافة أو
الأدب أو الترجمة، قوة قادرة على أن تزرع قيم المحبة والسلام،
وتفتح أبواب التفاهم بين الثقافات المختلفة. فالقرآن الكريم، وهو
أعظم نص مكتوب في تاريخ الإنسانية ، نزل بالكلمة ليؤسس لثقافة
الرحمة والعدل، وليدعو الناس إلى دار السلام، مؤكداً أن الأصل في
العلاقة بين البشر هو السلم لا الصراع.
وعن الكتب التي تشعر المفتي بتأثيرها في هذا المجال، أشارت إلى
كتاب "Sevgive Barış Dini İslam" (الإسلام دين المحبة والسلام)
للبروفيسور التركي فخري قاياديبي، الصادر سنة 2005، الذي يوضح أنّ
الحب هو أساس الدين ليولد السلام، وأنّ التربية على هذه القيم تجعل
المجتمع أكثر إنسانية وتماسكاً.
وتناولت في حديثها ما استوقفها من الادب العالمي، قائلة:
ـ منحتني رواية الأمير الصغير (The Little Prince) لأنطوان دو سانت
إكزوبيري، الصادرة سنة 1943، معنى الصداقة والحنان، وتعيد للإنسان
براءته الطفولية التي ترفض القسوة وتبحث عن الجمال في الآخر.
وعلى الصعيد الإنساني العالمي، وجدت في كتاب مارتن لوثر كينغ A
Gift of Love، الصادر سنة 2012، الذي يجمع خطبه ومقالاته حول
اللاعنف والمحبة، ويؤكد أن الحب هو القوة الوحيدة القادرة على
مواجهة الكراهية وتغيير المجتمع نحو العدالة.
وأشارت المفتي إلى فضاء التصوف وعلاقته بالمحبة، قائلة:
ـ تتجلى الكلمة الشعرية والروحية كأداة لتذويب الحدود بين البشر.
فديوان شمس التبريزي ومؤلفات مولانا جلال الدين الرومي، مثل
المثنوي، قدمت رؤية روحية تجعل من الحب الإلهي أساساً للتواصل
الإنساني. كما نجد عند سلطان العاشقين ابن الفارض في قصائده
العرفانية أرقى صور العشق الروحي الذي يربط الإنسان بالمطلق، وعند
الحلاج الذي رفع شعار "أنا الحق" تعبيراً عن ذوبانه في المحبة
الإلهية، وعند رابعة العدوية التي جعلت من حب الله غاية لا يشاركها
شيء، نموذجاً للصفاء الروحي الذي يفيض سلاماً على العالم. هذه
الأصوات الصوفية تؤكد أن الكلمة حين تكتب بروح العشق تتحول إلى
رسالة كونية تدعو إلى الصفاء والوئام. وبكلمات اخرى، فإنّ الكلمة
حين تكتب بصدق ووعي تتحول إلى طاقة حيّة تغير القلوب وتعزز التفاهم
بين الثقافات المختلفة، لتذكرنا أنّ ما يجمع البشر أعمق بكثير مما
يفرقهم.
المصدر الأصلي: مبادرة منصة حملة ثقافة المحبة والسلام، الحملة
المشتركة بين دار الكتب والوثائق
ومجلة سماء الأمير. |