كتب نابضة بالمحبة
اعادة النظر في التعددية الثقافية
(خاص بحملة ثقافة المحبة والسلام التي انطلقت بالتعاون بين دار
الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية)

يؤكد هذا الكتاب أن التنوع الثقافي أحد المقومات الأساسية للحرية
الإنسانية وأحد شروطها، ويلفت انتباهنا إلى البنية الداخلية
لثقافتنا. فالاعتياد على رؤية الاختلافات بين الثقافات يجعلنا نبحث
عنها في ثقافتنا، ونتعلم كيفية منحها حقها من العدالة والاهتمام.
كما ندرك أن ثقافتنا نتاج تأثيرات مختلفة، وأنها مفتوحة لمختلف
التأويلات. ويخلق التنوع الثقافي مناخًا تشترك فيه الثقافات
المختلفة بحوار مثمر يعود بالنفع عليها جميعًا. ويمكن القول إن
مجتمع التنوع الثقافي يمتاز بقدرته على إعادة إنتاج معظم فضائل
المجتمع المتجانس، بينما يعجز الأخير عن إقامة حوار بنّاء بين
الثقافات.
إن مجتمع الثقافات المتعددة سوف يتمتع بالاستقرار، والتماسك،
والحيوية، والطاقة، ويتحرر من الهموم والمشكلات إذا استطاع تلبية
بعض الشروط المعنية. وتشمل هذه الشروط: بنية السلطة المؤسسة على
الإجماع، ومجموعة من الحقوق الدستورية المقبولة جماعيًا، ودولة
عادلة ونزيهة، وثقافة مشتركة متعددة الثقافات في تركيبتها
التكوينية، ونظامًا تعليميًا متعدد الثقافات، ورؤية تعددية شاملة
للهوية الوطنية. ولا يمكن لأي بنية للسلطة الحفاظ على تماسك
المجتمع إلا إذا تصرفت بعدالة ونزاهة لضمان تمتع مواطني الدولة
بالشروط الأساسية للحياة الكريمة. لكن العدالة وحدها لا تكفي،
لأنها لا تعزز بذاتها التزامًا حماسيًا بشعور من الارتباط المعنوي،
والأخلاقي، والعاطفي معه. ذلك أن الانتماء أمر متعلق بالقبول
التام، والموافقة الكاملة، وبشعور المرء بأنه يقيم فعلًا في وطنه.
بمعنى أن مجتمع الثقافات المتعددة يحتاج إلى ثقافة جمعية تعددية
وشعور مشترك بالهوية الوطنية. وهذا ما يُمَكّن مختلف الأفراد
والجماعات من التماهي مع المجتمع السياسي، وتمييزه باعتباره
مجتمعهم، وبناء شعور الولاء له، إلى جانب أهمية تجنب اللجوء إلى
العنف القمعي.
يؤكد الكتاب كذلك وجوب تعريف الهوية الوطنية للمجتمع بحيث تشمل
مواطنيه كافة، وتجعل من الممكن لهم تعريف أنفسهم بوساطتها. بل يجب
على هذا التعريف أن يتقبلهم كأعضاء متساويين في القيمة الشرعية في
المجتمع.
هذا الكتاب لمؤلفه بيخو باريخ، ترجمة مجاب الإمام، منشورات الهيئة
العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، دمشق 2007، وهو متوفر
للقراءة في المكتبة الوطنية / دار الكتب والوثائق/ العراق.
|