Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

             

 

النافذة المفتوحة
 

تاريخ النشر : 31 /10 /2017

 

 

ذاكرة مكان 

 مخزن جورج

برهان المفتي

خاص بـ "الموروث

   

   

تاريخ النشر :

 

كان السوق العصري * في كركوك وجهة جميلة لما تتميز بها المحال في هذا السوق من تنظيم وترتيب وحداثة، ولما يتميز السوق نفسه بتبليط حديث مع حديقة في منتصف السوق ، ولطبيعة المحال حيث أنها كانت محال صياغة الذهب ومحل الحاج محسن الأطرقچي للسجاد الإيراني الفاخر، ومكتبة كتب كبيرة، وبعض محال بيع الملابس الجاهزة، وكان في نهاية السوق من جهة المجيدية مكتب بريد كركوك ذي التصميم الإنكليزي التقليدي.

غير أن محلاً من بين تلك كان يبدو أنه خارج المألوف بين محال الصياغة والملابس، ذلك كان ( مخزن جورج ) . واجهة زجاجية عريضة تعرض بعض الكؤوس والكرات وأحذية رياضة وقطع من ملابس رياضية ، ذلك المحل كان يسحرنا ونحن نقف أمام تلك الواجهة الزجاجية ( جامخانة ) وكنا نتجرأ بالدخول إليه مرتين في السنة في العيدين الصغير والكبير في طريق عودتنا من سينما أطلس القريب من السوق العصري.

إلا أنّ مخزن جورج صار هو المكان الأشهر بالنسبة لنا ونحن ننهي عشر سنوات وأكثر من العمر، مع بداية الحرب العراقية - الإيرانية ١٩٨٠ ، وغلق أسواق ( أورزدي باك ) الذي كان الطابق الثالث ( أو الرابع في حال حساب الطابق الأرضي ) حيث ألعاب الأطفال المستوردة ، فكانت نتيجة ذلك الغلق شحة في تلك الألعاب ، شحة تحولت إلى حرمان.

وفجأة صار مخزن جورج المختص في التجهيزات الرياضية ، محلاً مختصاً في بيع نوع واحد من الألعاب المستوردة ، نوع محدد ، نماذج السيارات المعدنية الصغيرة صناعة فرنسية ، أذكر إسمها جيداً majorette

، وكانت بموديلات كثيرة ، وبحجمين، حجم نماذج السيارات الصغيرة بمائة وستين فلساً ، وحجم آخر لنماذج صغيرة لسيارات الحمل والبناء وهليكوبتر وحافلات النقل بربع دينار ( مائتين وخمسين فلساً ).

كنا نذهب فنتجمع أمام مخزن جورج في تلك الأيام بأعمارنا الطرية ، وصافرات الإنذار بغارة جوية إيرانية ، فلا نتحرك من مكاننا كي لا نفقد فرصة حصول على نموذج صغير لسيارة، نموذج يعطيه جورج لنا بحسب مزاجه وليس إختيارنا، وكنا نفضل نموذج بمائة وستين فلساً، إذ بمصروفنا الأسبوعي نستطيع شراء نموذجين وليس واحداً بسعر ربع دينار، وأذكر أنني حصلت على نموذج حافلة نقل شركة إير فرانس بربع دينار وما زلت أحتفظ بذلك النموذج بعد ٣٧ سنة، حصلت عليه في عصر يوم ربيعي وتوقف دوام المدارس بسبب الحرب، وصافرة إنذار ترتفع بتحذير من غارة جوية.

لا زلت إلى الآن أقف طويلاً أمام رفوف عرض نماذج السيارات الصغيرة في المولات والأسواق، لكنها فقدت نوعاً من ذاك البريق الذي كان في النماذج المعدنية التي كنت أحصل عليها من مخزن جورج أو من سفريات شقيقتي من لندن وغيرها، فقد أفسدت النماذج الصينية السيئة ذلك البريق ، لكنني حين أعود لشقتي ، أخرج الكيس الذي ما زلت أحتفظ به ببعض من تلك التي إشتريتها من مخزن جورج ، فأقف بكل فرحة طفل بحصوله على هدية مميزة، تلك اللحظة تأتي نهايتها بسماع جرس الباب الذي يشبه صافرة إنذار.

*أو ( السوق العصرية )

ـــــــــــــ

الصور تمثل النماذج التي اشتراها كاتب المقال من مخزن جورج .

تنبيه

 لايُسمَح لأية صحيفة ورقية او موقع ألكتروني او مدونة او موقع شخصي او صفحة تواصل اجتماعي بإعادة نشر موضوعات او صور مجلة "الموروث" من غير إدراج اسم كاتب الموضوع وكذلك اسم المجلة بصفتها مصدرا ، عملاً بضوابط الملكية الفكرية والأمانة الصحافية.