Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

             


قالت الصحافة
 

تاريخ النشر : 31 /10 /2017

 

بهنام أبو الصوف صاحب نظرية عراقية السومريين

 

شكيب كاظم

لقد استهوت آثار العراق والمنطقة العربية ، العديد من الاركيولوجيين والمهتمين بعلم الآثار، منذ منتصف القرن التاسع عشر، وما زلنا نتذكر رحلة ألآثاري البريطاني د.ج.هوغارث إلى مناطق أعالي الفرات وكرشميش في بلاد الشام للتنقيب عن الآثار، يرافقه في مهمته هذه ضابط الاستخبارات البريطانية (توماس إدور توماس روبرت ناي تشابمان) ، المعروف بـ ( لورنس العرب) في حين كانا يراقبان تحركات القوات الألمانية ، إبان الحرب العالمية الأولى وقيامها ببناء جسر على نهر الفرات لتسهيل حركة هذه القوات، وعملية تمديد سكة حديد برلين – بغداد – بصرة، فضلاً على جهود ماكس مالوان ، زوج رائدة الرواية البوليسية (أكاثا كرستي) وآرثروولي الذي اكتشف المقبرة الملكية في مدينة أور، وبقايا الملكة شبعاد ووصيفاتها وهن بكامل حليهن وروبرت هاملتون، وسيتون لويد، الذي أصبح مستشاراً لدائرة الآثار العراقية ، وليوناردو وولي والأب باورز، وكان رائد هذه التنقيبات ( هنري لايارد) الذي جاء إلى العراق سنة 1854 للتنقيب في مناطق النمرود ، حتى إذا تأسست الدولة العراقية الدستورية الحديثة سنة 1921، بدأت بعوث الطلاب والدارسين تتوالى إلى دول العالم المتقدم ، ليشكل هؤلاء بعد عودتهم المدماك الأول في صرح الدراسات الآثارية العراقية ، مثل العالم الجليل طه باقر، الذي كان له فضل ترجمة ملحمة كلكامش نثراً إلى اللغة العربي، في حين ترجمها شعراً مع دراسة ضافية الدكتور عبد الحق فاضل وأسماها ( ملحمة قلقميش) فضلاً على الباحث الكبير الأستاذ فؤاد سَفَر، الذي خسره علم الآثار العراقي إثر حادث سيارة مؤسف يوم الأثنين10/1/1978، وهو ذاهب للتنقيب في سهل حمرين، وإذ يُسأل الباحث الكبير الدكتور بهنام أبو الصوف ، عن أساتذته ، فانه يعد هذين الأستاذين: طه باقر وفؤاد سَفَر من أفضل أساتذته، ويظل يذكرهما بكل الاحترام والاعتراف بالفضل.

لقد مثل بهنام أبو الصوف، الرعيل الثاني من الآثاريين العراقيين ، بعد جيل الرواد الأوائل ممثلاً بطه باقر وفؤاد سَفَر، وكان هذا الرعيل : مؤيد سعيد دميرجي ، وطارق مظلوم ، وفوزي رشيد ،  وسامي سعيد الأحمد ، وفيصل الوائلي ، ووليد الجادر، وعيسى سلمان ، وفاضل عبد الواحد ، وعامر سليمان ، فضلاً على دوني جورج الذي كان له فضل إعادة الحياة إلى المتحف العراقي، الذي خربه الغوغاء والدهماء، إثر الاحتلال الأمريكي لبلدنا، لكنه رحل عن الدنيا في مغتربه إثر حادث مؤسف، وما أراه إلا حادثاً مدبراً.

 

برنامج حواري

يوم شاهدته في البرنامج الحواري الجميل، الذي يديره الإعلامي مجيد السامرائي والموسوم بـ ( أطراف الحديث) صيف عام 2012، كان زاخراً بالحيوية والنشاط وتوقد الذهن والفكر، هذا العالم الآثاري الكلداني العراقي الكبير المولود في مدينة الموصل في شهر تموز من عام 1931، والحاصل على الدكتوراه من جامعة كمبردج البريطانية العريقة خريف سنة 1966، والذي عمل سنوات طويلة في التنقيب عن الآثار في بلده العراق ، وكان مشرفاً علمياً على تنقيبات إنقاذية في حوضي سدي حمرين وأسكي كلك ، في هذا اللقاء ، وفي دراسات كتبها ، ذكر عالم الآثار بهنام ، إنه بحث في نظرية عراقية السومريين ، أو الشومريين ، على لغته ، ولغة الأستاذ عبد الحق فاضل أو الشنعاريين ، كما جاء في التوراة أو التورا، وإنهم ليسوا من أصول مجرية (هنكارية) أو انحدروا من مناطق مرتفعة مثل الأناضول أو التبت، أو وادي نهر السند في الهند، وهو ما أراد تكريسه لغايات سياسية وضيق أفق وسخف رأي ، دعاةُ إعادة كتابة التأريخ للنيل من سكان الجنوب عامة، ولاسيما سكنة الأهوار إثر حوادث ربيع 1991 ، فتأريخ الأمم لا تعاد كتابته، بل هو أصبح في ضمير العلم والزمن وإذ كنا نغير في حوادث الأيام المعاشة ، أو المعيشة لأسباب شتى، تقف السياسة على رأسها وأهواء الحاكم الفرد، فليس من المعقول ولا المقبول، أن نسحب هذا النظر الأحادي المتخلف إلى حوادث الأيام الخوالي.

لقد أكد الباحث الكبير أبو الصوف عراقية السومريين ، مخالفاً بذلك توجهات أستاذه ماكس مالوان، الذي اعترف بأحقية والمعية تلميذه النجيب بهنام ابو الصوف، الذي أرجو ان نُعْلي من شأنِ عراقيته ونؤكدها ، لا أن نجيره لهويات أثنية وقومية ودينية، وهو ما طفا على السطح ـ مع الأسف - بعد سنة 2003، وإذ نجد من يطلق مصطلح الشعوب العراقية ، أو الأمة العراقية ، أو تأكيد الهويات، التي تأتي على حساب الهوية العراقية ، فكما أكد باحثنا المسيحي الكلداني السرياني الآشوري الدكتور بهنام أبو الصوف ، عراقية السومريين ،إذن فلتؤكد عراقية أبي الصوف بعيداً عن الهويات المجزئة المجتزأة، فهويتنا العراقية، هي الأبهى والأزهى والأجمل.

 

حيوية ونشاط

قلتُ: لقد كان في ذلك اللقاء التلفازي يرفلُ بالحيوية والنشاط ،لكن كانت تطوف على سيماء وجهه ونظرات عينه، سحب ألم ووجد، جراء إضطراره للبعاد عن وطنه الذي أحبه العراق، ويوم أريد إبعاد الروائي الروسي الحائز على جائزة نوبل سنة 1958، بوريس باسترناك، لأنه كتب روايته المدوية ( الدكتور جيفاكو) التي ما كانت متوافقة مع توجهات نظام الحكم الشيوعي في بلاده  وكتبت عنه الصحف قائلة : دعوه يذهب حيث يرغب، وهي دعوة لطرده من روسية  صرخ : لا تبعدوني فأنا لا استطيع العيش خارج بلدي، وإني لموقن أن كل جوارح أبو الصوف كانت تهتف: أنا لا استطيع العيش خارج بلدي، هذا البعاد الذي أكل عمره، ليرحل يوم الأربعاء19/من أيلول/2012، وليدفن خارج البلد الذي أحبه شأنه شأن الجواهري الكبير ومصطفى جمال الدين وعبد الجبار المطلبي وبلند الحيدري وشريف الربيعي وعبد الله نيازي وخالص عزمي والنحات اتحاد كريم وصبحي انوررشيد وعبد العزيز الدوري وسركون بولص وجان دمو وعبد الستار ناصر ، والدكتور يوسف عز الدين… وأنور الغساني .و..و.

 

جريدة الزمان