قالت الصحافة
تاريخ النشر :
20 /8 /2018
سينما الخيام بين زمنين متناقضين
جلال جرمكا
للسينما العراقية تاريخ حافل بالمفارقات المتنوعة فقد كانت
احدى وسائل الترفيه للمجتمع العراقي منذ بدايتها ... وتعتبر
سينما الخيام الواقعه في قلب بغداد من أفضل دور العرض ...
افتتحت عام ١٩٥٦ ، بعرض اول فلم فيها هو (هيلين بطلة الطروادة)
وبلغت تكاليفها ٣٠٠٠٠٠ ثلثمائة الف دينار عراقي في حينه ،
واحتوت على ١٥٠٠ مقعد من النوع الجيد ...
ولديكوراتها ميزة خاصة حيث زينت بلوحات أنيقة تتناسب مع ألوان
مقاعدها المتحركة ،كذا الحال فإن موقعها أضاف رونقا خاصا ،حيث
مطاعم الأكلات السريعة المتنوعه المحببة لدى أهالي بغداد بسبب
جودتها ورخص ثمنها، وبفلافل ابو سمير، يجاورها بار رومانس على
الطراز الفرنسي ويقابله في جانبه الآخر بار الركن الهادىء،
وشارعها الفرعي يطل باتجاهين (الرشيد والجمهورية)..
ويتداخل فيه أفضل المحال التجارية المختلفه المستوردة من
مناشىء عالمية ،عند مرورك تنبهر للحركة الدؤوب ،كأنك تعيش
عالما اوربيا ممزوجا بنكهة بغداد . بعد عام ١٩٥٨، دخلها أول
رئيس للوزراء المرحوم عبدالكريم قاسم ،مفتتحا فيلم (أم الهند)
عام ١٩٥٩ ، مما زادها تألقا كونها القاعة المميزة ،على أثر ذلك
بدأت حركة السينما العراقية نحو التألق ..وازدادت بإنشاء سينما
النصر وغرناطة وغيرها الكثير ،مستفيدة من تجربة سينما الخيام
،الاّ أن الخيام حافظت على مستواها الاجتماعي والفني .
عند بدء الحرب العراقية / الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي
ونتيجة للظروف الاجتماعية بدأت السينما ومنها الخيام
بالاضمحلال تدريجيا ،كباقي المهن الأخرى لإنشغال المجتمع
بالحرب ومفارقاتها ، كما إن استمرارية الحروب المتعاقبة حولت
معظم دور العرض الى مخازن وورشات عمل اخرى ،إضافة الى التوسع
الحاصل في بغداد.
وزاد الطين بلة الظروف الامنية المتردية واستمرارية القطع
الكهربائي في عموم العراق ، ولو عدنا للمقارنة بين زمنين ، نجد
أن بغداد تزهو بمعالمها الفنية وتألقها الحضاري على عكس الزمن
الحاضر الذي تفرق فيه الاحبة منهم مهجر والآخر مهاجرا خلف
الحدود ، وآخرون رقود تحت التراب .
مجلة الكَاردينيا
|