أساطير لغوية - قراءة تحليلية معاصرة
في أكثر قضايا اللغة جدلاً
د. خالد شاكر حسين
بغداد- دار الشؤون الثقافية - 2024
392 صفحة
ربما لا توجد ظاهرة طبيعية أُلصِقَت
بها تصورات مُبهمة وأساطير متأصلة
وراسخة في الوجدان الجمعي للمجتمعات
البشرية توازي ظاهرة اللغة. وليس هذا
بالأمر المستغرب إذا ما أخذنا
بالحسبان الفتن الشديدة مع هذه
الظاهرة التي على الرغم من مألوفيتها
هذه إلا أنها تُعد ظاهرة في غاية
الفرادة إلى الحد الذي اقترنت به
فرادتها هذه بفرادة الإنسان بصفته
حيواناً ناطقاً كما يرى أرسطو ذلك في
عبارته ذائعــة الصيت "إن الإنسان هو
الحيوان الوحيد الذي يمتلك هبة
الكلام". كما تؤكد آخر مخرجات البحث
اللساني المعاصر صعوبة تصور وجود
الإنسان كائناً بعيداً عن نظام لغوي
ينتسب اليه بيولوجياً واجتماعياً لا
بل نفسياً. فاللغة تنصهر إجمالاً ضمن
المنظومة الماهوية التي تُعرّف
الإنسان وتنسب إليه خصائص وسمات حصرية
لا
يُشاركه بها أي كائن آخر سواء في
مملكة الحيوان عموماً أم في فصيلة
الثدييات تحديداً.
هذه العلامة اللغوية الفارقة
والاستثنائية لماهية الإنسان قد حفها
للأسف الكثير من الأضرار والمغالطات
التي تتنافى تماماً مع الواقع العلمي
واللساني للغة. وكثيراً ما تتفاقم تلك
المعتقدات المغلوطة عن اللغة حتى
تَصِل إلى مستوى أو رتبة الأساطير
الراسخة التي لا يقتصر شيوعها للأسف
الشديد على الأشخاص الاعتياديين فحسب
بل يتعداه في أحيان كثيرة ليصل إلى
أهل التخصص أيضاً.
فالأساطير التي سيتناولها هذا الكتاب
بالبحث والتحليل والاستقصاء توفر
أرضية مشتركة لا لانطباعات الأشخاص
والقراء البعيدين عن معطيات الدرس
اللساني المعاصر فقط بل أحياناً
حتى للمنظومة المعرفية لأولئك
المختصين بهذا الدرس من باحثين
وأكاديميين عرب. والغريب أنني حاولت
كثيراً مناقشة هذه الاعتقادات
المغلوطة عن طبيعة اللغة وعلاقاتها
المتشعبة رغبة مني بتصحيحها مع كثير
من الأصدقاء والزملاء والطلبة لكن دون
جدوى. فهم قد يتفقون معي ويجارونني في
إثبات خطل هذه السلسلة المستعصية من
الانطباعات والاستباقات المغلوطة عن
طبيعة اللغة ومساراتها وعلاقاتها
المتشعبة إلا أنهم سرعان ما يتناسون
كل شيء، وما أن أثير هذه القضية معهم
مرة أخرى وبعــد برهة وجيزة من الزمن
حتى أجد أن جهودي السابقة قد باءت
جميعها بالفشل الذريع بل ذهبت أدراج
الرياح. تبدو المعركة خاسرة لا محالة
طالما أنها تتخذ مساراً شفاهياً يعتمد
الحوار والجدل بصفتهما مجرد نزهة أو
تزجية للوقت بعيداً عن أي توثيق أو
تدوين مستقر وجاد لتلك الحوارات حتى
يكون بوسعنا عندئذ الرجوع والاحتكام
إلى ما تحاورنا حوله فنقرؤه معاً بين
الفينة والأخرى. فالتوتر الذي أبثـه
عــادة في منظومة المفاهيم المغلوطة
والعبثية عن اللغة لدى المتحاورين لا
يلبث أن يخف ويتلاشى تأثيره شيئاً
فشيئاً فتستفيق تلك المفاهيم العنيدة
من جديد وتستعيد كامل عافيتها وترص
صفوفها مرة أخرى في إصرار غريب على
ترسيخ كل ما لفظه البحث اللساني
المعاصر منذ زمن طويل.
وقسم الكتاب الى عدة محاور وهي:
• الأسطورة الأولى: أصل اللغة.
• الاسطورة الثانية: اللغة والفكر.
• الأسطورة الثالثة: اللغة بين
الاعتباطية والقصدية.
• الأسطورة الرابعة: اللغة بين
التفاضل والتكافؤ.
• الأسطورة الخامسة: اللغة والماكنة.
|