البديــع في المناظرات الخياليــة في
العصـر المملــوكي
شهب وسام نوري
الجامعة المستنصرية – كلية التربية -
2024
161 صفحة
يعد فنّ المناظرات والمفاخرات مــن
الفنون الأدبية التي عرفت في الأدب
العربي في وقت مبكّر من تأريخه. إذ
كانت متداولة بين الشعراء والناثرين،
فطبيعة التنافس في الحياة، والسعي إلى
إثبات النفس، وعلوّ المكانة أدّى إلى
إنتاج محادثات بين طرفين تحمل طابع
العدائية، وأحيانا طابع الودّ
والملاحة، وتطورت هذه المناظرات لتكون
على لسان الحيوان والنبات والجمادات
في أجواء خيالية منقطعة النظير انماز
بها العصر المملوكي لما يتضمّنه هذا
العصر من حراك أدبي، واجتماعي، وثقافي
محتدم احتاج إزاءها هذا النوع من
الأدب.
ومع قراءتي للحقبة التأريخية التي
عليها دراستي، والتعمّق أكثر وأكثر في
فنون البديع وطبيعة المناظرات،
وتكويناتها شعرت بهوى، وميل لدراسة
هذا الموضوع الذي لم أطلع على أيّ من
عناصره في دراستي الأولية، ولا
بدراستي النظرية في الماجستير.
.إنّ توظيف الأسلوب الخيالي لتحريك
شخصيات المناظرات والمفاخرات في العصر
المملوكي سواء البشرية منها، أم
الحيوانية، أم ألوان الجمادات في
الطبيعة التي تأنسنت، وأصبحت لا تختلف
عن الشخصيات البشرية قد خلق أبعادا
عميقة شكّلت ما يشبه الإغراء الأدبي
الذي دفعني بحماسة إلى معايشة الموضوع
والتناغم معه أيّما تناغم مثلما أثرت
عميقا في المتلقي السامع والقارئ في
ذلك العصر عن طريق اجتماع الصور
الشعرية والنثرية الحافلة بالرموز
والإشارات والأساليب البديعية الرائعة
للتعبير عن التجارب الإنسانية التي
حفلت بها هذه المناظرات والمفاخرات
الخيالية.
ولا أخفي حجم القلق الذي اعتراني،
وأنا أطالع الكلمات في عنوان رسالتي
في الماجستير (البديع في المناظرات
الخيالية في العصر المملوكي). إذ ليس
من اليسير دراسة البديع نفسه فضلاً عن
دراسته خلال المناظرات والمفاخرات
الخيالية في العصر المملوكي، ولاسيما
أمام الصعوبات التي اعترضتني التي
ترجع لأسباب شتى، من بينها، أنَّ هذا
الموضوع لم تتصدّ له دراسة أكاديمية
قبل دراستي هذه حسب علمي، بل نتفٌ
توزعت بين أطروحة واحدة هي (المناظرات
الخيالية في أدب المشرق والأندلس
للطالبة -حينها- رغداء مارديني عام
2007) التي قدمتها لكلية الآداب/جامعة
دمشق، وبحث واحد هو (دراسة بنية
ومضمون الحوار الأدبي (المناظرة) في
أدب العصر المملوكي، لعلي رضا نظري /
ومريم فولادي / مجلة إضاءات نقدية)،
فضلاً عن عدم وجود مصادر تجمع
المناظرات والمفاخرات الخيالية في
العراق مما جعلني أجتهد، وأجتهد حتى
حصلت عليها من موطنها في جمهورية مصر
العربية.
وإذ جاء عنوان رسالتي بـ(البديع في
المناظرات الخيالية في العصر
المملوكي)، فقد قامت على مقدمة،
وتمهيد، وثلاثة فصول. أمّا التمهيد
فتضمن الحديث في بيئة العصر المملوكي
بمختلف عناصرها، ومفهوم فنّ المناظرة
والبديع. أمَّا فصول الرسالة، فكانت
على النحو الآتي:
الفصل الأول: جاء هذا الفصل تحت عنوان
(أدب المناظرات الخيالية وأنماطها،
وأغراضها الخيالية في العصر
المملوكي). إذ لابد من التصدي لذكر
أنماط المناظرات الخيالية، وأغراضها
لتكوين صورة وافية وأساس متين يعينني
ويسندني في تناولي التحليل النقدي
لهذه المناظرات والمفاخرات.
أمَّا الفصل الثاني: فقد كان بعنوان
(المظاهر اللفظية في بلاغة المناظرات
الخيالية) تصديت فيه لرصد وتحليل
ثلاثة أنواع من المحسنات اللفظية، وهي
(الجناس والسجع والموازنة) لما تمثله
هذه الأنواع الثلاثة وأجزائها الفرعية
من هيمنة وحضور تتفاوت نسبتها في
المناظرات الخيالية، وتشكيلها للروح
الموسيقية التي غلبت على المناظرات
الخيالية موضوع الدراسة.
وجاء الفصل الثالث تحت عنوان:
(المظاهر المعنوية في المناظرات
الخيالية في العصر المملوكي) ليشكل
توجّها مكمّلا لدراسة الفصل الذي قبله
عن طريق رصد وتحليل ثلاثة أنواع من
هذه المظاهر هي (الطباق والمقابلة
ومراعاة النظير) بوصفها من المظاهر
المعنوية ذات البعد التزييني والدلالي
الواسع. إذ تعدّ عنصرا مهما من عناصر
تشكيل لوحة النص الأدبي في المناظرات
الخيالية.
|