موجز تاريخ
(سورية وفلسطين) منذ اقدم العصور وحتى
النصف الأول من الالف الاولى ق م.
د. صلاح رشيد الصالحي
بغداد – التقدم - 2024
433 صفحة

ان تاريخ سورية وفلسطين غني
بالمعلومات لفترة ما قبل التاريخ وحتى
الاحداث التاريخية فهما يقعان
في مركز الشرق الأدنى القديم وكان
لهما تأثير
في حضارة الشرق، ويمكن ملاحظة التأثير
والتأثر
واضحة في اللقى الاثرية
والنصوص المسمارية والأختام
المنبسطة والاسطوانية، وأفرزت
التنقيبات
الاثرية منذ نهاية القرن التاسع عشر
الميلادي وإلى الوقت الحالي غنى بلاد
الشام بالمواقع الاثرية
التي
لم ينقب إلا جزء بسيط مما هو مخزون في
التلال
الاثرية المتناثرة من شمال سورية وحتى
جنوب فلسطين، ولو ان الكثير من
اسماء المدن وردت في النصوص
لكن لم يستدل على مكانها ربما
تعاقب
الاجيال في سكنى المواقع ذاتها
فصار من الصعب معرفة تحديد الموقع،
فمثلا بعد
أربعة الاف عام مضت لا نعرف موقع
العاصمة الميتانية واشكاني
يعتقد أنها بين وادي الخابور
والبليخ.
كما ان دراسة تاريخ المنطقة في عصور
ما قبل التاريخ يحتاج إلى مجلدات وليس
موجز حتى يعطى حق المنطقة تاريخيا،
ولهذا كانت مهمتي صعبة للغاية
في اختصار تاريخ سورية
وفلسطين،
ومن
جهة أخرى لا نجد في تاريخ بلاد
الشام حكومة مركزية وحدة
البلاد انما ممالك عدة، البعض مستقل
تماما
والبعض الآخر يخضع للقوى المحيطة،
لهذا سيطر على المنطقة نظام سياسي
عرف
باسم
دولة المدينة وهو نظام سياسي كان
سائدا في بلاد سومر منذ نهاية عصر
جمدة نصر حتى قيام الدولة الأكدية،
ربما نشأ نظام دولة المدينة حسب
التوزيع الجغرافي في سورية وفلسطين،
فالساحل السوري الطويل الممتد من
انطاكيا شمالا والى غزة جنوبا سمح
بنشوء ممالك فينيقية اهتمت بالتجارة
والصناعة الحرفية، بينما المناطق
الداخلية مع توفر مجاري المياه
الوفيرة مثل انهار
الفرات
وبردى، والعاصي مع تساقطات مطرية ساعد
على النشاط الزراعي والرعي، وايضا
كثرة اشجار الغابات في المناطق
الجبلية اصبحت مطمعا من الدول
المجاورة للحصول على الاخشاب،
اما
صحراء بادية الشام فنشأت على حافتها
وفي الداخل مدن تجارية تمر فيها
القوافل فازدهرت الحياة الاقتصادية في
تلك المدن مثل إبلا وتدمر.
هذا التنوع الجغرافي والمناخ الملائم
وغنى الحياة الاقتصادية جعلت سورية
وفلسطين مطمعا للغزاة
والمهاجرين، فأصبحت المنطقة خليط من
الأجناس
البشرية مع اختلاف الثقافات واللغات
فيها،
فنجد
ثقافة أمورية، وميتانية وحثية ومصرية،
وثقافة بلاد الرافدين، والثقافة
الفارسية في عهد الدولة الاخمينية
والثقافة اليونانية التي اتى بها
الاسكندر المقدوني، واخيرا الثقافة
الرومانية
كلها
جعلت بلاد الشام بودقة انصهرت فيها
تلك الثقافات وانصهرت في ثقافة بلاد
الشام .
|