مدير
عام دار الكتب والوثائق الدكتور سعد بشير اسكندر : تعامل منتسبي الدار مع الزمن تعامل خلاق وبصيغ غير تقليدية

ـ  نطمح أن تكون الدار، هيئة عامة تضم الكتب والوثائق والمخطوطات

جعفر محمود

تعد دار الكتب والوثائق، أحد المعالم الثقافية والفكرية والحضارية المهمة التي لها تأريخ عريق ودور رائد وفعال في عملية القيام بنشر الثقافة والتراث العلمي والادبي والفني من خلال تقديمها الخدمات للمستفيدين من طلبة وباحثين وأكاديميين ومن خلال العلاقات الثقافية التي تقيمها مع المؤسسات الأقليمية والعالمية او عبر نشرها البيلوغرافيا العراقية التي تم تطويرها لتستوعب جميع نواحي النتاج الفكري العراقي. ولغرض تسليط الضوء على هذه الدائرة، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور سعد بشير اسكندر، مديرها العام حيث ابتدأ حديثه بالقول:

-         تؤدي دار الكتب والوثائق دوراً مهماً في خدمة الحياة الثقافية والفكرية حيث تعتبر صرحاً ثقافياً كبيراً لبلد قامت فيه أول أربع حضارات في العالم ومنه تم تصدير الثقافة والعلم والمعرفة الى كل أرجاء المعمورة.. تأسست الدار في بغداد بتأريخ 1920/4/16 وكانت باسم مكتبة السلام، وفي عام 1929 تغير اسمها فأصبحت باسم المكتبة العامة.. بعدها اعتبرت مكتبة رسمية للبلاد بأمر الملك فيصل الأول، وفي عام 1921 صدر قانون المكتبة الوطنية الذي نص على جمع وحفظ الكتب والمخطوطات والمطبوعات والدوريات.
*  وماذا تحتوي الدار؟
 - تحتوي الدار على اهم المصادر والمراجع والمخطوطات والصحف لكل الوزارات أبان الحكم العثماني الى 1918 وكذلك عهد الانتداب البريطاني 1920-1932 والجمهورية العراقية 1958-2003 فضلاً عن وجود الكتب والمصادر التي تعين الباحثين والدارسين والكتاب والمطالعين في اختصاصاتهم وبعد سقوط النظام السابق تعرضت الدار الى دمار شامل للمبنى وحرق الكتب وسلب بعض منها.. فضلاً عن إضرام النار في الدار والحرق المتعمد للكثير من الكتب والوثائق والتجهيزات.. وقد نجمت عن ذلك خسائر معرفية وثقافية فادحة لا تعوض ولا تقدر بثمن. أي أن الدار خسرت ما يقارب 60% من مواردها الأرشيفية و25% من المطبوعات وبعبارة أدق يواجه العراق الآن كارثة ثقافية حقيقية سببها فقدان هذا البلد لجزء غير قليل من تراثه الأرشيفي وذاكرته التأريخية المعاصرة ..
 * وما هي إجراءاتكم لإعادة الحياة الى هذه الدار بعد الخراب الذي حل بها؟
- بغية اعادة الحياة الى هذه الدار من جديد، فقد تعامل منتسبو الدار مع الزمن تعاملاً خلاقاً وبصيغ غير تقليدية تنسجم مع ظروف المرحلة التي مر ويمر بها العراق والتي تستلزم البذل والعطاء.. والعمل متواصل بشكل استثنائي ولحسابات تجاوز فيها الفصل بين وقت الدوام الرسمي وأوقات الراحة.. وقد تكللت هذه الجهود بتحقيق الكثير من الإنجازات أهمها تقليص الأضرار التي لحقت بالدار وتصنيف وفهرسة عشرات الآلاف من الملفات وتنظيف مجموعات المكتبة وملفات الأرشيف وإعادة ترتيبها وفحص أشرطة الافلام الخاصة بالوثائق وإعادة تنظيمها من جديد، وتعويض المئات من بطاقات المطبوعات المفقودة ببطاقات جديدة، وتصحيح الأخطاء في الفهرس والتصنيف في الكثير من الكتب وإصدار عدد جديد من البيلوغرافيا للرسائل الجامعية، وإعادة افتتاح قاعة المطالعة بعد أن تم إكمالها وتهيئة المستلزمات  اللازمة لها. وعلى الصعيد القانوني، بدأت الدار باعادة النظر بصورة جدية في جميع التشريعات التي تحكم عملها ونشاطاتها وعلاقاتها ببقية مؤسسات الدولة.. خاصة أن التشريعات المتعلقة بالارشيف الوطني والمكتبة الوطنية قديمة جداً ولا تتواكب مع المعطيات الجديدة في الميادين الثقافية والمعرفية في العالم المعاصر. أما على الصعيد الخاص بالتحديث الفني لعمل الدار، فقد بدأت عملية تجديد الأنظمة المعمول بها فضلاً عن استبدال نظام البطاقات القديم بآخر كومبيوتري يسهل عمل المطالع في العثور على المطبوعات التي يريدها باقصى سرعة وبأقل جهد ممكن .. كما بدأ العمل ومنذ فترة بتأسيس نظام جديد لصيانة المطبوعات والوثائق.. وعلى نطاق نهج الدار الجديد فقد تضمن هو الآخر جوانب جديدة منها كسر احتكار الخبرات من قبل أقلية من الموظفين وإلزامهم بنقلها لبقية الموظفين، وجعل الموظف متعدد المهارات من خلال إشراكه بالدورات التدريبية، واحتواء الثقافة الذكورية المسؤولة عن حرمان العناصر النسوية من تحمل مسؤوليات كبيرة على الرغم من توفر المؤهلات والكفاءة.. وتعيين المزيد من المتخصصين في مجال المكتبة والارشيف، ومنح الحوافز المادية لمنتسبي الدار.. وتعريق الدار الثقافية ومحتوياتها بالانسجام مع التنوع القائم في البلد، وإلغاء حجز جميع المطبوعات المحظورة وفسح المجال أمام النتاجات الثقافية بغض النظر عن التوجهات السياسية وتوفير جميع المطبوعات والمواد الأرشيفية للباحثين دون أية قيود او تحفظات..
 * وماذا عن الخطط الأمنية والمستقبلية للدار؟
 - في ضوء المساعي الحثيثة لتطوير الحياة الثقافية والعلمية في العراق فقد عزمنا على ما يأتي:-
* إنشاء مكتبة رقمية يمكن للباحث من خلالها سواء أكان في داخل العراق أم خارجه من الوصول الى ما يوجد في الدار من مطبوعات ومنشورات للاستفادة منها .
*العمل على إنشاء مشروع ريادي ولاول مرة في العراق بل قد يكون في الشرق الأوسط وهو عبارة عن مجموعة مكتبات وأرشيف لشخصيات عراقية لعبت دوراً مشهوداً في بناء العراق الحديث وفي أي مجال كان .
 *إنشاء مخازن حديثة للأرشيف ومختبرات الهدف منها فصل الأرشيف عن المكتبة وتوفير فضاءات جديدة للمطبوعات الأرشيفية والاقسام التي ستستحدث مستقبلاً .
-العمل على تطوير موقعنا على الشبكة الدولية من خلال إصدار مجلتين ثقافيتين متخصصتين بعلم المطبوعات وأخرى شهرية الكترونية خاصة بالمرأة .. كما نطمح بأن تكون الدار، هيئة عامة تضم الكتب والوثائق والمخطوطات وذلك عن طريق توسيع مهماتها ووظائفها وتقسيماتها الإدارية والفنية.
*ما هي معوقات عملكم في الدار؟
 - يعتبر المعوق المالي من أهم الاسباب التي تقف حائلاً دون تقدم وتطور العمل في هذه الدار حيث إن الميزانية المخصصة لنا لا تفي الا بـ 10% فقط مما نريد تحقيقه والوصول اليه.
 لذا فنحن نحتاج الى دعم مالي كبير من أجل ان يكون عملنا مثمراً وسريعاً .. كما إن الصلاحيات الإدارية والمالية الممنوحة لنا بسيطة جداً ومحدودة فضلاً عن ذلك، التشريعات العراقية القديمة مازالت سارية المفعول وهي تشريعات تكبل أيدينا في إمكانية تطوير المؤسسة.

-         من الجدير بالذكر، أن الدكتور سعد بشير اسكندر، كان قد أختير رجل الارشيف لعام 2007 وحاصل على جائزة الحرية الاكاديمية من خلال المؤتمر الدولي السنوي لرابطة الدراسات حول الشرق الأوسط الذي عقد في مونتريال بكندا العام الماضي وبمشاركة أكثر من الف باحث..

المصدر : جريدة التآخي