النافذة المفتوحة
تاريخ النشر :
18
/
9
/2018
ذكريات
حدثينا .. يا (أُمَّ الهند) عن : (نَرْجِس) ، وَ(برجُو)..
عكاب سالم الطاهر
خاص بـ "الموروث"
كان ذلك عام 1960 . كنا يومها مجموعة طلابية قدمتْ من ريف
قضاء سوق الشيوخ للدراسة في إعدادية الناصرية ، وبفرعيها
(العلمي والأدبي) . اسكنتنا الجهات التربوية المختصة في بناية
فخمة وسط مدينة الناصرية . أما مدير القسم الداخلي الذي يشرف
على اسكاننا ومعيشتنا ، فهو التربوي حسين الراضي .
معظم ليالي (الخميس على الجمعة) نذهب لنسهر بضع ساعات مع أحد
الافلام السينمائية في واحدة من دور السينما الموجودة في
المدينة . ففيها داران للسينما ، هما : سينما البطحاء ، وسينما
الاندلس .
أُمُّ الهند
ومن الهند هبَّتْ عاصفة الفيلم السينمائي (أُمُ الهند) .
وتوجه غرباً . اجتاز طهران ، وحط الرحال في بغداد ، لبعض الوقت
، ليواصل مسيرتَه غرباً . كان الفيلمُ – بفكرته وأداء ممثليه
خاصةً الممثلة الجميلة نرجس – قنبلةً تفجرتْ في اكثر من
مكان ، لتتشظى بوجه الاقطاع وما يتضمنه من استغلال .
الزعيم يشاهد الفلم
في سينما الخيام ببغداد ، عُرِض هذا الفيلم عام 1959 .
وذات مرة ، فُوجئَ مشاهدو الفيلم بالزعيم عبد الكريم قاسم ،
رئيس الوزراء العراقي آنذاك ، يدخل سينما الخيام لمشاهدة الفلم
. ووصل الناصرية عام 1960 . وعُرض في احدى هاتين الدارين .
الفيلم يُجسِّد ويُدين تصرفات الاقطاع واستغلاله الفلاحين .
واذا وضعنا فكرة الفلم في زمانها (الخمسينيات حيث تصاعدتْ حركة
التحرر الوطني ، الآسيوي – الافريقي خاصة ، بآفاق اشتراكية) ،
لتوصلنا إلى أن الفلم يأتي ضمن السياق التصاعدي للأفكار
الاشتراكية . وهذا واحد من أسباب رواجه .
ترك الفيلمُ آثارَهُ المباشرة على الحياة الفنية والسياسية في
الهند . فعندما أُغتِيلَتْ ، أنديرا غاندي ، رئيسة وزراء الهند
، وكريمة القائد الراحل جواهر لال نهرو ، كان العنوان الأبرز
(المانشيت) في معظم الصحف العالمية والعربية ، هو : قَتَلُوا
أُمَّ الهند !! .
الطفل برجو
أبرز شخصيات الفلم ، كانت الممثلة نرجس . التي قامت بدور الأم
التي تتحمل المشاقَ من أجل تأمين العيش لأبنائها . وكان الطفل
(برجو) شخصية مثيرة . اذ كان متمرداً وعنيفاً. وهكذا لقي مصرعه
على يد الشرطة الهندية المتواطئة مع الاقطاع . وأبدع بقيةُ
الممثلين في أداء ادوارهم ..
السيناريو ..
الفيلم كما أتذكرُه ، رغم مرور اكثر من نصف قرن على مشاهدتي
له ، يبدأ هكذا : السلطة المحلية في ولاية هندية أنجزت مشروعاً
إروائياً وبدلاً من أن تطلب من رئيس الوزراء أو حاكم الولاية
افتتاح المشروع ، طلبتْ ذلك من تلك السيدة . وهكذا كانت أصواتُ
الجماهير المحتشدة تتعالى مطالبة (أم الهند) بافتتاح المشروع
ومشجعة لها . تقدمت (نرجس) ببطء تتدلى ، من حول رقبتها دوائر
الزهور الهندية المعتادة . وتصرخ الجماهير : حَدِّثينا يا
أُمَّ الهند .. هنا يرحل ذهنُ بطلة الفلم التي حفرتْ السنون
أخاديد عميقة في وجهها .. الى تلك الايام حيثُ تزوجتْ شاباً .
ينتقل ، بعد سنين ، الى جوار ربه ، لتتولى هي مسؤولية العائلة
..
الجماهير تصرخ : حَدِّثينا يا أُمّ الهند . لكن السيدة كانت في
رحلة استعادية للماضي .
ولكن : ما الذي ذكرني : بالهند وأُمِّها .. وَبِنَرْجِس
وأطفالها ؟ .
أصارحكم بالآتي : ظهر يوم السبت 9/آذار/2013 ، كان حفل صغير
بعدد الحاضرين ، ولكنه كبير جداً بمعانيه ، يلتئمُ تحت سقف
صحفي ، هو جريدة الزمان . كان شعاع النظر يدور في القاعة
الصغيرة التي تَمَّتْ تهيأتُها على عجل .. دار الشعاع دوراتٍ
عديدة سريعة ، وفجأة أفلتَ من جاذبية الحاضر ، في رحلة
استعادية ، ولستُ أدري لماذا تذكرتُ (أُمَّ الهند) في رحلتي
الاستعادية ...
وفي لحظة..و..امام رحى عاديات الزمن.. شعرت انني قريب من شخصية
"ام الهند " ، لا بالتمثيل ، بل بمشهد فعلي ..
واعذروني ، حين أقول : و .. يطول الحديث ؟ ! .
تنبيه
لايُسمَح
لأية صحيفة ورقية او موقع ألكتروني او مدونة او موقع شخصي او
صفحة تواصل اجتماعي بإعادة نشر موضوعات او صور مجلة "الموروث"
من غير إدراج اسم كاتب الموضوع وكذلك اسم المجلة بصفتها مصدرا
، عملاً بضوابط الملكية الفكرية والأمانة الصحافية.
|