قالت الصحافة
تاريخ النشر :
20 /8 /2018
السرداب الدار الثانية للعائلة العراقية في الماضي
بغداد / لمياء نعمان
كانتا تشتكيان من درجات الحرارة المرتفعة والتي تصل الى 50
درجة أو أكثر وكيف إن الكهرباء تغيب لساعات والمولدات تتلكأ في
تجهيزها للكهرباء، لذا فالمولدات بهذه الحالة لا تجلب سوى “
البوخة/ الرطوبة “على حسب تعبير أم ياسمين .. وتذكرت الأختان
كيف أن بيتهما القديم في المحمودية فيه سرداب يلجؤون اليه أيام
القيظ الحار، فكانت العائلة تجتمع على الغداء في السرداب
ويتحادث أفرادها ويتسامرون ومن ثم يأخذون القيلولة ويفترشون
الأرض بالبسط والحصران وتطري أجواءهم بالبرودة مروحة صغيرة
فينامون مرتاحين ، وتعلو جدران السرداب شبابيك صغيرة للتهوية
والاضاءة ..لكن الأختين تذكرتا بأن السرداب امتلأ بالمياه
الجوفية وطمر بالتراب خوفاً من الرطوبة ..
الآن تتحسران على تلك الأيام الخوالي والتي كانت الحرارة فيها
تصل الى الثلاثينيات على الرغم من أن بيتهما مليء بأجهزة تبريد
حديثة .. السراديب هي منظومة لهندسة معمارية موجودة ليس في
بغداد بل في جميع أنحاء العراق حتى مقابر النجف فيها سراديب
لدفن الموتى، وحتى في مصر أيام الفراعنة يلجؤون لأعماق الارض
ليدفنوا موتاهم وكنوزهم ومقتنياتهم الثمينة ، في اليمن أيضاً
يهتمون بالسراديب وتعتبر بيتا ثانيا لهم فهم يقيمون الأعراس
والحفلات وجلسات القات ، اضافة لاستخدامه للمعيشة وكمخزن كبير
لهم .وهو على مساحه الدار الكلية ...
وبالتأكيد لا يقتصر مفهوم السرداب على العرب بل في اوروبا
واميركا تجد في كل البيوت سردابا ويسمى
peasment
فهو مهم جداً ففيه غرف زائدة تستخدم للأغراض الفائضة والنوم
وكمخزن وفيه طقم من الأثاث الفائض عن الحاجة لاقامة الجلسات
للأصدقاء والضيوف وحفلات أعياد الميلاد وأيضاً هو ملعب للأطفال
وكل هذه الاستخدامات للشتاء بسبب هطول الثلج الى 50 او 70 سم
والحرارة تصل الى 20 تحت الصفر يعني أنهم عكسنا تماماً نريده
صيفاً ويحتاجونه شتاءً..
نسأل المهندسة المعمارية نهاد حسان التميمي عن إلغاء السرداب
من حساباتنا وتصاميمنا ومن بيوتنا وعدم الاستفادة منه حين تكون
قطعة الارض 50 م .. توضح التميمي بأن فكرة بناء 50 مترا على
مساحة السرداب مهمة وعلينا حث المواطنين على ذلك ، وأشارت الى
أن مواد البناء في السابق اختلفت ..البيوت كانت تبنى على نظام
“ العكاده والشيلمان”والطابوق والجص والآجر والطابوق الفرشي
للأرضية، فلا رطوبة ولا حرارة وحتى السطوح كانت من التراب
والتبن وبعض المواد العازلة والتي تصمد أمام الأمطار والعواصف
..وتضيف..حتى اننا نرى مباني تراثية قديمة ما زالت شاخصة
بتصميمها وجمالها بالتقوسات التراثية المميزة. وأغلبها تحت
الارض بعدد من الامتار.الآن تغير البناء وصار الاسمنت والمرمر
والكاشي هي أسس البناء ... لذا تجلب هذه المواد الحرارة وهي
تتمنى من المواطن عند حصوله على قطعة أرض ان يفكر بالسرداب لما
فيه من أهمية قصوى للعائلة وهو سمة حضارية موجودة في انحاء
العالم .
جريدة الصباح
|