العدد (158) - نيسان- 2023      

الفساد الإداري بين وقائع التاريخ ومقاصد الشريعة (1-908هـ/622-1502م)


د. علي عبد مشالي
بغداد- دار الحداثة - 2023
309 صفحة

 


تعد ظاهرة الفساد الإداري من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان النامية منها وعلى الخصوص المجتمع العربي في عصرنا الراهن لاسيما في العراق بلد المؤلف ، إذ أخذت تنخر في جسم المجتمع بشكل تدريجي بدأ بالمؤسسات الأمنية والاقتصادية .
الفساد الاداري وغيره بوجه عام كان عاملاً جوهرياً في تدمير الاقتصاد العراقي وقدراته المالية والإدارية حتى عجزت الدولة عن مواجهة الكثير من التحديات منها صعوبة اعمار البنى التحتية المطلوبة وتشغيل الطاقات البشـرية العراقية من الخريجين، فضلاً عن عدم تمكن مساعدة الطاقات العربية أو الإسلامية جميعاً لإحياء العباد والبلاد، وعدم الإداري اوي بسـبب قدرتها على توفير العيش الرغيد لكل أفراد المجتمع بالتساوي بسبب المحاصصة الحزبية البغيضة، وتراكم الديون على الرغم من كثرة الأموال وتوفرها بأرقام يصـعب ذكرها مفصـلاً ومنها أن ميزانية العراق بلغت أكثر من (١٠٠) مئة مليار دولار أمريكي خلال سنوات وجود جيوش الاحتلال،
لكثرة تصدير النفط وارتفاع أسعاره أولاً، و وجود الثروات البشرية والمائية والطبيعية ثانياً، إذ كانت متوفرة بكميات هائلة لا توصـف مقارنة مع حجم السكان في بلاد العراق، لكن انتشار الفساد الإداري في كل مكان بسبب الأحقاد والأمراض الدفينة لبعض المنتمين لهذه الأحزاب أو انعدام الروح
الوطنية للبعض، حالت دون تقدم المجتمع وتطوره وانتشار الفقر خلاف ما موجود في البلدان المتقدمة اقتصادياً حتى إعداد هذه الدراسة.
غايتنا من هذه الدراسـة أن تكون درسـا ينظر من خلاله لما وقع في الماضي القريب والبعيد بعد أن تعرضت الحضارة العربية الإسلامية لأنواع الفساد ومنه الإداري، إذ خسر العرب والمسلمون فيه الكثير عسى أن نستفد منه جميعاً وإعادة بناء حضـارتنا من جديد وبلداننا العربية والاسلامية
مستقبلاً إن شاء الله تبارك وتعالى إسوة بالحضارات والبلدان المتقدمة في عالم اليوم.
وهذا الكلام ليس محظ صـدفة، فقد كان للمسلمين مجد عظيم قد أضعناه، وحلم كبير نسيناه، واليوم نحن جميعاً بحاجة إلى تظافر الجهود لعودة الحضارة الإسلامية من جديد، بعد تجاوز الفساد بوجه عام والفساد الإداري بوجـه خـاص، لنعيش في الحياة التي أرادها الله تبارك وتعالى
ورسوله الكريم للعرب المسلمين خاصة، وللعالم أجمع عامة من دون فساد وإفساد.
إن موضوعات الحضارة العربية الإسلامية كثيرة، ومنها النظم الإسلامية التي تضم بين ثناياها الإدارة، وهذه دراسة موجزة عما شابها من فساد في بعض الأحيان، لاسيما في عصورها الإسلامية الثلاث الراشدي، والأموي، والعباسي، فضلاً عن العصور المتأخرة.
والإدارة هي أحد الموضـوعات الرئيسـة التي تعنى بالحضـارة ببحثها ودراسـتها ومصـادرها، والأسـس التي تقوم عليها، فضـلاً عن سـماتها وخصائصها والآثار التي تتركها من تطور أو تخلف للمجتمع بوجه عام في كل زمان ومكان، إذ تسهم في توجيهه لأغلب شـؤون الحياة اليومية سـواء
بالأمس أم اليوم أم غدا.
تناولنا ظواهر الفساد الإداري في الدولة العربية الإسلامية والعصـور المتأخرة في الفترة من (١-٩٠٨ هـ = ٦٢٢-١٥٠٢م)، بعدما تبوأت الدولة الفتية مكانة في تاريخ العالم، وأصبحت مدار اهتمام المؤرخين سـواء أكانوا من العرب أم غيرهم قديماً أم حديثاً.
كما توخينا الحيطة والحذر في تناول هذه الدراسـة قدر المستطاع وبحيادية، لأن مهمة الباحث الحصـيف الوقوف على الحقيقة، إذ أن مفهوم الفسـاد قد يختلف كلياً أو جزئياً باختلاف المكان والزمان، فما هو فسـاد بالأمس قد يعرف اليوم بأنه ليس كذلك او يفسر على أساس نسبي متغير .
وقسم الكتاب الى فصول عدة وهي :
الفصل الأول : طبيعة وأسباب الفساد الإداري والعوامل المساعدة له .
الفصل الثاني : منهاج القرآن الكريم والسنة النبوية في مواجهة الفساد .
الفصل الثالث :ظاهرة الفساد الإداري في العصر الراشدي .
الفصل الرابع : الفساد الإداري في العصر الأموي .
الفصل الخامس : الفساد الإداري في العصور العباسية .
الفصل السادس : الفساد الإداري في العصور المتأخرة .
الفصل السابع : مقاصد الشريعة ومواقفها من ظاهرة الفساد الإداري .

 

© جميع حقوق النشر محفوظة لدار الكتب والوثائق 2006