202العدد (160) - كانون الاول - 2023

اتصل بنا   

الارشيف   

اسرة المجلة

الصفحة الرئيسية                                                     

اهلا  وسهلا  بكم في مجلة  روافد  ثقافية  الالكترونية الصادرة عن دار الكتب و الوثائق

 بحوث اكاديمية في توجهات النخبة المثقفة في العراق

د. سلمان رشيد محمد الهلالي

بغداد – دار الحداثة – 2023.

284 صفحة

 

 
طرح بعض الكتاب والاكاديميين رأيا لايخلو من الغرض السياسي والذاتي , ان البحوث والدراسات التاريخية قد اصابها الاختلال والقصور والضعف بعد سقوط النظام البعثي الحاكم عام 2003 . والمفارقة ان اغلب من طرح هذا الراي وايده هو من حصل على شهادته الجامعية العليا (الماجستير والدكتوراه)
بعد السقوط النظام الفاشي عام 2003م , دون تحرج او مراجعة او وعي, وهو مدح ضمني لشخصه الكريم وشهادته العليا باعتباره غير مشمول بهذا الكلام والتقييم , وتفرد ذاتي لايستند على أي دليل , سوى الادعاء والتباهي . فيما ان المتتبع لرسائلهم الماجستير واطاريحهم الدكتوراة وبحوثهم الخاصة بالترقية العلمية هي مثال التقليدية والتكرار والاجترار من موضوعات سابقة او مطروحة - عدا القلة منهم بالطبع – وهو السبب الذي يجعلهم يتحرجون من طبعها او عرضها او نشرها بالانترنت خدمة للباحثين والطلاب الجامعيين . كما ان هذا الرأي هو بالاخير مدح ضمني للحقبة القومية والبعثية الاستبدادية التي كانت تفرض انساقها السلطوية وايديولوجيتها السياسية وانماطها الطائفية على الدراسات الجامعية بعامة والتاريخية بخاصة, ابتدأ من الانقلاب البعثي عام 1963 وحتى السقوط عام 2003 ، ويبدو ان من يكرر هذا الكلام هو أما ليس عنده مشكلة مع الاستبداد والاجندات البعثية والطائفية التي تفرضها على الباحثين والدارسين, او اصلا لايعرف ذلك الفعل ويعتبر القضية مجرد بحث تاريخي ليس له علاقة بالمناهج القومية والطائفية , وهو طبعا جهل مخل يقع به اغلب الاساتذة والأكاديميين عندنا.
في الواقع ان رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراة والبحوث الأكاديمية الأخرى بعد السقوط هي تشبه تلك كتبت في عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات في كثير من التفاصيل والسياقات والمناهج .
وكما ان تلك الدراسات والكتابات والبحوث والرسائل والاطاريح فيها المتميز والتقليدي والبسيط والجيد والرديء, فكذا الأمر مع الدراسات بعد السقوط, فهي أيضا تحوي تلك السمات , فليس كل الرسائل والاطاريح على درجة واحدة من الرقي والعلمية والموضوعية والابداع والأمر يخضع للفروق الفردية والعقلية بين الطلبة والدارسين, الا أن الامتياز هو ان بعد السقوط حصل نوعا من الحرية والتعددية الثقافية عند الباحثين والطلبة والاكاديميين يجعلهم يطرحون موضوعات وتصورات لم يكن لتطرح لو كان النظام البعثي الاسبدادي موجودا بالسلطة حتى الآن, لذا حصل تنوعا وابداعا لامثيل له في تاريخ الدراسات الجامعية, ودرست موضوعات وشخصيات شيعية وكردية وتركمانية وشيوعية واسلامية وليبرالية وسياسية معارضة كانت تشكل سابقا حلقات مفقودة وثغرات واضحة في تاريخنا المعاصر . كما حصل تنوعا آخر في الدراسات التاريخية للمحافظات والأقضية والمدن الكردية والشيعية التي كانت تتعرض سابقا الى التهميش والاقصاء ان كتابة التاريخ وتحليله وسرده عملية متلازمة مع الحرية, فحيثما تكون هناك حرية عند الباحث والأكاديمي, تكون هناك كتابة مبدعة وتحليلية ونقدية للتاريخ وتعددية في الموضوعات والاحداث والتصورات , والعكس, فحيثما يكون هناك استبداد وحجر على الموضوعات والشخصيات والتحليلات , وفرض للمناهج القومية والطائفية والبعثية, يكون هناك تقييد وتكرار
واجترار .