202العدد (160) - كانون الاول - 2023

اتصل بنا   

الارشيف   

اسرة المجلة

الصفحة الرئيسية                                                     

اهلا  وسهلا  بكم في مجلة  روافد  ثقافية  الالكترونية الصادرة عن دار الكتب و الوثائق


شعرية التناص في رسائل ابي العلاء المعري
د. ايناس محمد مهدي العبادي
مصر – مكتبة العربي للمعارف - 2023
298 صفحة
 


أبحرت سفينة بحثي الموسوم: (شعرية التناص في رسائل أبـي العـلاء المعري (449هـ)- مقاربة تأويلية)، وهي محملة بأسئلة مشروعة، تنشـد بـرُ الإجابات، ولا سيما أن المعني بهذه الدراسة كان قلق الخاطر، متوقـد الـذهن، سريع البديهة، قوي الذاكرة، يتوق إلى معرفة كل شيء، مغرم بالتدبر في عناصر
الوجود (المرسل ـ الرسالة ـ المرسل إليه)، لا يقنع بالمسلمات والبديهيات كمـا سمعها، أو كما يؤمن بها غيره، بل يفكر ويدعو إلى التفكر وتنمية الأفكار. تـراه يكتب في كل شيء، ويريد البوح بكل شيء، ولكن على طريقته هـو ؛ طريقتـه التي يعمد فيها على الترميز من دون تعمية، وعلى الإشارة من دون إبهام، وإلى الإبلاغ الموشح بالجمال، وإلى الإطناب من دون تطويل، وإلى البديع مـن دون
تكلف، ذلك هو المعري ؛ شاعر الفلاسفة، وفيلسوف الشعراء.
سعت الدراسة إلى معالجة النص المدروس (رسائل أبي العلاء الإخوانية) معالجة نقدية، وتوسلت الباحثة بالمقاربة التأويلية لفهم النص الأدبي، فـإن كـل قراءة جديدة هي تلق جديد، وفهم جديد، ولا تخلـو أيـة قـراءة مـن التأويـل والاحتمالات، واتخذ البحث (التناص) أداة لتحليل الرسائل العلائية، التي تعد تحفة
فنية لم تدرس دراسة تليق بها، فهي من روائع ما أنتجته القريحة العربية في فن الرسائل الاخوانية، وقد استمد البحث شواهده من ثلاث نسخ محققة، الأولى هـي النسخة التي حققها الدكتور عبد الكريم خليفة، وهي من ثلاثة أجـزاء، والثانيـة بتحقيق الدكتور إحسان عباس، توفرت الباحثة على الجزء الأول منها فقط، وهي عمل أدبي متقن الصنع فلم يترك المحقق صغيرة ولا كبيرة إلا أوضحها وشرحها
وفصل القول فيها، والثالثة بتحقيق الأستاذ حسان الطيبي، وكان تحقيقاً لا يرتقـي إلى المستوى المطلوب، وهناك نسخ أخرى للرسائل، كنسـخة أكسفورد، التـي طبعت باهتمام هورس هارت، مدير المطبعة المدرسية، وثمة نسخ أخرى، جعلتها للاطلاع كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
ودأب البحث على تسليط الضوء على أسلوب أبي العلاء المتميز، الـذي يجنح فيه إلى كل ما هو غريب ومغاير، فلم تكن عملية التلقي والتأويل سهلة، لأن الولوج إلى عوالم أبي العلاء وفك شفرات كلامه واستكناه معانيه، يحتـاج إلـى القراءة تلو القراءة والتفكر وتقليب الكلام ظهراً عن بطن، حتى يطمئن الباحـث إلى تأويل قريب مما أراد المنشئ.
أما المنهج الذي قامت عليه الدراسة فهو (المنهج الوصفي التحليلي)، وقد آثرت مصطلح (مقاربة تأويلية) لأنني قد افترض تأويلات تتعلق بحالـة الأديـب النفسية لحظة ولادة النص من جهة، وتتعلق بالمواقف الخارجية المحيطة به مـن جهة أخرى، ولكنني لا أطلق الأحكام جزافاً، بل اقتنص بعض العلامات من داخل النص ومما يحيط به من سياقات خارجية، شريطة أن يبقى الاشتغال ضمن مفاتيح
شعرية التناص.