202العدد (163) - حزيران - 2024

اتصل بنا   

الارشيف   

اسرة المجلة

الصفحة الرئيسية                                                     

اهلا  وسهلا  بكم في مجلة  روافد  ثقافية  الالكترونية الصادرة عن دار الكتب و الوثائق


 
علامات العنف الرمزي في خطاب المسرح المعاصر
د. صميم حسب الله يحيى
بغداد – دار الشؤون الثقافية – 2024 .
240 صفحة

 

 

 


     إن تنوع أشكال الصراع في المجتمعات القديمة أسهم على نحو أساس في إنتاج العنف، ولاسيما ما يتعلق بصراع الإنسان مع قوى الطبيعة المادية منها، والغيبية، وقد دفعت أفرز ذلك الصراع انماطاً مختلفة من العنف إرتبط بعضها بالحياة الإجتماعية التي دفع الإنسان إلى إعتماد العنف بوصفه سلوكاً مادياً يساعده في الدفاع عن نفسه تجاه مخاطر الطبيعة المحيطة به، كما أن الإنسان إعتمد العنف في فرض السلطة على الجماعات الاخرى، الأمر الذي أفرز مفهوم الزعيم الذي يتحكم في مصير الجماعات التي انتظمت تحت سلطته، إلى جانب توافر الطبيعة على القوى الغيبية التي ظل الإنسان عاجزاً عن مواجهتها وهو الأمر الذي دفعه إلى توظيف الرموز الدينية من أجلال تقرب إلى تلك القوى الغيبية والخضوع إلى سلطتها ، واعتمد في ذلك على توظيف الطقوس التي تحولت إلى إحتفالات يتم فيها تقديم (القرابين) للآلهة الرمزية التي عمل الإنسان على تكوينها، متكناً على مخيلته في تقدير قوتها الغيبية وقدرتها اللانهائية،الأمر الذي إنقسم فيه شكل العنف بين المادي المباشر والرمزي المضمر إذ إكتسب كل منهما حضوراً فاعلاً في بنية المجتمع، فضلا عن إسهام كل منهما في صياغة سلوك الافراد والجماعات التي إنقسمت بدورها إلى قسمين إرتبط أحدهما بالسلطة المادية التي هيمنت على المجتمع متخذة من العنف المادي أسلوباً في التعبير عن قوتها، أمــا الآخر فإرتبط بالسلطة الغيبية الدينية التي تمثلت في شخص الكاهن الذي تحول إلى رمز للسلطة .
وقد بدا واضحاً أنَّ العنف في هذه السلطة يتخفى داخل الطقوس المقدسة التيإعتمدها الكاهن في تعزيز سلطته على المجتمع، الأمر الذي اتخذ فيه العنف مساراًمغايراً عن النمط التقليدي وبات سلوكاً مضمراً داخل البنية الإجتماعية يتم التعبيرعنه عن طريق العلامات والرموز والصور التي لا تشكل علامة إيقونية على العنفحسب، بل تكون علامة تحيل إليه على نحو غير مباشر، وأفاد عالم الإجتماع الفرنسي (بيير بورديو) من العلامات المضمرة في الكشف عن العنف الرمزي في المجتمع،الأمر الذي تحول معه إلى مصطلح مكتمل المعنى، ولا يفترض التعاطي معه على نحو
جزئي، إذ أنَّ العنف الرمزي لا يرتبط بالمعنى المتداول للعنف ولا يشير إلى الرمز بمعناهالمستقل بل يجنح (بورديو) إلى تعبير العنف الرمزي سعياً وراء التعبير الامثـل عـنالحالة التي تسيطر على السلوك الإجتماعي.
وبناء على ما تقدم يرى المؤلف أنَّ فن المسرح لم يكن بمعزل عن التحولات الإجتماعية التي أفرزت العنف بأشكاله المختلفة، إذ افاد المسرح الإغريقي من الطقوس الدينية   وعمل على تحويل مضامينها إلى عروض مسرحية أسهمت في تنظيم الحياة الإجتماعية عن طريق رفض تقديم مشاهد العنف على خشبة المسرح، فضلاً عن إعتماد المسرح على مفهوم (التطهير) من أجل إثارة عاطفتي( الخوف والشفقة)، إذ يعد (التطهير) من المعالجات الإجتماعية التي اعتمدها المسرح الإغريقي في مواجهة العنف الذي تأسس (كما أشرنا) داخل بنية المجتمع، من جهة أخرى إعتمد المسرح الروماني على تجسيد العنف على نحو مادي ومباشر عن طريق حلقات المصارعة التي اكتسبت اهميتها داخل المجتمع الروماني، ولاسيما في كتابات (سينيكا)الذي كان يدعو فيها ضمنياً الى تمجيد الحرب واراقة الدماء .
وقسم الكاتب كتابه الى :
الفصل الاول : مدخل .
الفصل الثاني : تداوله الانساق العلامية في العرض .
الفصل الثالث : تمظهرات العنف الرمزي في الخطاب .