الحقيقة والوهم في الفكر اللساني
الحداثي
أ. د. مسلم حسب حسين
بيروت – دار الفنون والآداب للطباعة
والنشر والتوزيع - 2020
142 صفحة
اللغة بمفهومها
العام من الناحيتين العقلية والواقعية
، هي أداة للتعبير عن الفكر ، ووسيلة
للخطاب ، وهي ظاهرة لاحقة لامتلاك
العقل بكل ما فيه من طاقات ووظائف ،
واللغة هي الوظيفة
العليا للعقل التي
عن طريقها تتحقق عمليات إدراك العالم
، وما فيه من ظواهر وموجودات طبيعية ،
وما فيه من إسرار وخفايا . واللغة على
ما تبدو عليه من بساطة وعفوية ، فإنها
من أشد
الظواهر الإنسانية
غموضا وتعقيدا ، من حيث النشأة
والتطور والاختلاف بين الأمم ولذلك
جعلها الله من آياته الكبرى ، التي لا
تقل عظمة وحكمة عن خلق السموات والأرض
كما في قوله
تعالى : ومن آياته
خلق
السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات الروم - آية
22 ) .
ولذلك كان الفلاسفة
وعلماء اللغة للعالمين
)) وما زالوا ، يخوضون في ماهيتها وكيفية نشأتها
وتطورها ، إذ ما زالت موضع اختلاف
وجدال على صعيد فلسفة اللغة ومناهج
دراستها . ولا نريد
الخوض في نظريات نشأة اللغة قديما
وحديثا ، لسببين : الأول أن نظريات
نشأة اللغة ، قد تناولها كثير من
علماء اللغة الغربيين والعرب القدماء
والمعاصرين ، في مؤلفات يمكن الرجوع
إليها ،
والسبب الآخر هو أن ذلك يخرج البحث عن
مساره المنهجي الموضوع له ، ولذلك
فإننا نرى ضرورة الإشارة إلى موقفنا
من ماهية اللغة ووظائفها ، وتأكيد ما
هو راجح لدينا من رأي في هذا الشأن
.
فاللغة كما أسلفنا
هي انعكاس للفكر ، أي هي التعبير
المادي المحسوس عن الفكر ، ولذلك فهى
مختصة بالإنسان وحده أما ما جرى
تسميته لغة عند الحيوان ، فهو من قبيل
المجاز ، لأن أصوات
الحيوان هي أصوات
(انفعالية) في المقام الأول ، سواء
أكانت عند الحيوانات الأليفة أم المتوحشة ، وهذا ما هو متفق عليه عند
علماء النفس وعلماء الحيوان
.
أما اللغة عند
الإنسان فإنها تعبيرية
وقد ميز
جومسكي لغة الحيوان عن لغة الانسان ،
على اساس الثبات الغريزي والابداع
فوصف لغة الحيوان بانها نمطية
)
في حين وصف لغة
الانسان بانها) ولذلك فإن تميز
الإنسان في امتلاك
الفكر والنشاطات العقلية المختلفة ،
جعل لغته متميزة كذلك عما عداها من
لغات أخرى في الطبيعة ، إن صحت
تسميتها لغات وبناء على ما تقدم فإن
اللغة البشرية تتضمن جانبين من
الإدراك
للعالم والحياة الإنسانية ، هما نتاج
ثنائية التكوين البشري
وهي ثنائية الإدراك الحسي والعقلي ، فهناك من الكلمات ما يتعلق
بالأشياء والظواهر المادية الحسية ،
التي تتشكل منها البيئة الطبيعية
للإنسان كالنبات والحيوان والأشياء المادية ، التي يستعملها
الإنسان في حياته اليومية ، كالشجرة
والكتاب والكرسي وما إلى ذلك ، إذ
تكون تلك الكلمات انطباعات حسية عن
تلك الأشياء ، وهي
بدائل عنها، ترتبط على نحو مباشر في الذهن ارتباطا محايدا ، فإذا ذكرت
إحدى تلك الكلمات حضر الشيء الذي
ارتبط بها ، وهو ارتباط عرفي اجتماعي
وهناك من الكلمات ما هو مرتبط بالجانب
العقلي المجرد، وهو ما يعرف بالمفاهيم أو التصورات العقلية ، كالخير
والشر والشجاعة والجبن والعلم
والثقافة ، فكل أولئك يعبر عن مفاهيم
عقلية مجردة ، متفق على دلالاتها وفق
العرف
الاجتماعي كذلك، ولذلك فإن عملية الخطاب والتواصل التي تتجلى في
الكلام ، أي الكلمات في حالة التأليف
، إنما هي عملية نقل الأفكار أو
المعاني إلى الآخرين، عن طريق اللغة
باستعمال الكلمات بدلالاتها الموضوعية لها والمتعارف عليها بين
افراد المجتمع اللغوي .
وقسم الكتاب الى عدة
فصول وهي :
الفصل الاول:
الشعرية واللسانيات .
الفصل الثاني:
السيميائية وتحليل النص الشعري (تشريح
النص) للغذامي نموذجا .
الفصل الثالث :
شعرية المعنى وبنية الفكر المنطقية . |