رقائق الآداب في الإسلام
الشيخ سعد صاحب المنشداوي
بغداد – دار الآداب - 2024
445 صفحة
إن
مما يثير البؤس والحسرة في القلب
بأننا نعيش في زمان تتزاحم فيه
النظريات التربوية ودروس التنمية
البشرية الحديثة وننسى البديهيات
الأساسية التي يجب الا تغيب عنا
ونضعها صوب أعيننا في شتى مجالات
حياتنا. فتراهم
يجعلون ميزان التفاضل
في الإيمان بين الناس وفي الحضارة
بكثرة العلم مجرداً من أي عوامل أخرى؛
فعلى سبيل المثال يقول لك أحد معارفك
أترى ذلك العالم أو الشيخ أو المفكر،
هو متبحراً في العلم ،ثاقب ،الذهن،
واسع المعرفة ،
قليل الجهل، تام
الأصالة كامل البينة.. فلا تغتر بكل
ذلك، فإن كانت كل هذه المقامات
العلمية والاجتماعية تفتقر إلى من هو
أهم من العلم فنحن بأمس الحاجة
والضرورة للبحث والتمسك بالآداب
الإسلامية التي رسمتها السماء ووضعتها
في قلب النبي المصطفى الأكرم (صل الله
عليه وآله) فهو القائل أدبني ربي
فأحسن تأديبي, وكذلك يقول الإمام
الصادق (عليه السلام ) إن الله عز وجل
أدب نبيه على محبته فقال تعالى
(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
لذلك أصبح من الواجب علينا جميعا إن
نمتلك العلم والآداب وان تهذب أنفسنا
المريضة التي تذهب بنا بعيدا عن الله
تبارك وتعالى.
انظر إلى إبليس كيف غرّه ما ظن أنه
حصله من العلم والعبادة حتى أن الله
رفعه في الملأ الأعلى وأصبح ذا مكانة
عليا بين الملائكة، لكن ذلك لم ينفعه
بشيء عندما أساء الأدب مع رب الأرباب،
فلم يضره قلة العلم وإنما ضره قلة
الأدب
والخلق (الاستكبار)، فأصبح
نموذجاً واضحاً ملعوناً مطلقاً في
الدنيا والآخرة لكل من يسيء الأدب. "
فالأخلاق والآداب معيار ثابت راسخ في
التفاوت بين الناس كافة وبين المسلمين
خاصة، فالفرائض كلها تؤدى من قبل
الكثير الكثير من المسلمين فكيف
يتفاوتون فيما بينهم؟ أليس بحسن خلقهم
فالشرع قد اهتم بالأخلاق والآداب قبل
طلب العلم.
إن هذه الكلمة - وهي الأدب - كلمة
عظيمة، وهي تعني اجتماع خصال الخير في
العبد، إنها تعني جمال العبد في ظاهره
وباطنه، جَمَاله في أخلاقه في جوارحه
في حركاته وسكناته، في هيئته ومظهره،
في قيامه وقعوده في معاملته في
جميع
شؤونه، فالأدب ملازم للمسلم المؤمن في
كل حال.
إن كلمة الأدب أخوتي الكرام تعني زكاء
العبد في كل حال وفي كل مجال. فبالأدب
تزكو الانفس، وتتهذب الأخلاق وتطيب
القلوب، ويجمل الظاهر والباطن بالأدب
تبتعد الانفس عن رعوناتها، والقلوب عن
شرورها والأخلاق عن
ردائتها وبالأخلاق
والأدب ترتفع منارات الدين، وتتسع
رقعته، ويكثر دخول الناس فيه، لذلك
رأيت من واجبي وتكليفي أن أذكر نفسي
أولا وغيري بالآداب والأخلاق فإن
الذكرى تنفع المؤمنون التي تؤكد عليها
الشريعة السمحاء
المقدسة والتي تريد
أن تصل بالإنسان الى المقامات العالية
ومما يحتاج من الإنسان أن يراجع نفسه
والعودة الى روعة الكمال وتهذيب النفس
وأن يتحلى بهذه الآداب .
فالأدب هو الأخذ بمكارم الأخلاق, حقا
إن علاقة الآداب بالأخلاق كعلاقة
الروح بالجسد, وإن آدابنا هي رأس
مالنا ولا سبيل لنا لقرع أبواب
المسلمين وغيرهم إلا من خلال بوابة
الأخلاق والآداب فتلك أفضل بضاعة
ورصيد في الحياة الدنيا .
قسم الكتاب إلى عدة فصول وهي :
الفصل الأول : معارف الفضائل والآداب
.
الفصل الثاني : مكارم الآداب عند
النبي وآله .
الفصل الثالث : الآداب في الفرائض
والسنن .
الفصل الرابع : الآداب الاجتماعية في
الاسلام .
الفصل الخامس : الآداب العامة في
الاسلام .
|