الفلسفة الأداتية مشروع تجديد
النظريات السياسية والاقتصادية عند
الفيلسوف جون ديوي
د. سارة خزعل محمد
سوريا – صفحات - 2024
336 صفحة

جميعنا اليوم نتأثر بالأمور السياسية
والشؤون الاقتصادية، التي لا ينطق
لسان الفرد بواحدة منها دون الأخرى
فإن تكلم عن سياسة النظام القائم في
بلاده، لابد وأن يذكر شيئاً عن
الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ومدار
حديث الرأي العام يتضمن على الأكثر
كيفية تقد النظم السياسية وإصلاحها
ونبذ الخطط
الاقتصادية، وفي البحث عن الوسائل
لتحسين سبل توفر العيش، كتوفير
المصانع وفرص العمل والإنتاج... الخ،
المتوقفة جميعها دون شك على السياسة
السليمة
لإدارة البلاد فنمو الدولة وتطورها
ورقيها يتوقف بالدرجة الأساس على
النمو والرخاء الاقتصادي، هذه حقيقة
لا يمكن اليوم لأحد منا إنكارها؛
وهكذا
فإن حكاية السياسة والاقتصاد كانت على
مر القرون والأزمان ولا زالت الحكاية
الدارجة التي من المحال لأي شخص -
مهما كان شأنه من أن يحاول
بشتى
الطرق أن يفصل بينهما. هذا الثنائي
الاجتماعي المتلازم، تماماً مثل الخير
والشر، والجنة والنار.
لذا فلا غرو أن يولي المفكرون
والفلاسفة جل عنايتهم واهتمامهم بهذين
العلمين الاجتماعيين العظيمين لاسيما
وإنهما من العلوم التي ترتكز بصورة
خاصة على
العلاقة
التي تربط الفرد بالمجتمع وبسياسة
حكومة الدولة القائمة التي كانت من
أهم المحاور التي ناقشوها ودونوها في
مؤلفاتهم سواء أكانت في السياسة أم
في
علم الاقتصاد. فرؤيتهم الفكرية حول
القضايا السياسية والاقتصادية لا
تنفصم لا عن الواقع، ولا عن تلك
النظريات التقليدية التي قيلت بصددهما
،
وأنها
لتعبر عن دراسة نقدية عقلانية محكمة
في البحث عن الحقيقة، هذه المهمة التي
لا محال تقع على عاتق أم العلوم
الفلسفة»، التي تبنت منذ بداياتها
الأولى،
الأفكار السياسية والاقتصادية القيمة،
لاسيما تلك الأفكار التي جاء بها
الفيلسوفين
العظيمين: أفلاطون وأرسطو في مؤلفاتها
الجمهورية والسياسة» على التوالي.
وقد استمر الأخذ كافة الأفكار
والنظريات السياسية والاقتصادية حتى
اخترقت واحتلت كل العصور: عصر القرون
الوسطى، وعصر الفلسفة الحديث، وعصر
الفلسفة
المعاصرة وما بعد الحداثة، وحتى عصرنا
الراهن، إذ أنها كونت لنا أيديولوجيات
فلسفية في النظم السياسية لا تنفصل
على الأطلاق عن الواقع الاقتصادي
المعاش.
فما بالنا وأن تبنى هذين العلمين،
الفيلسوف الأمريكي جون ديوي»، وعمل
على إحياء وتجديد الأفكار التقليدية
التي قيلت بصددهما، وطبقها على واقع
عاش تحت
ظله
في أجواء سياسية متشابكة، وتطورات
رأسمالية عارمة؛ وذلك حسب رؤيته
للحياة بوصفها ذات مجرى من أجل أن
تكون الظروف السياسية لائقة كريمة
للجميع
بشكل كبير، وأن تصبح الحياة
الاقتصادية أكثر عدلاً وأنصافاً
للجميع، وأراد أن يصبح كل شيء
اشتراكياً بمعنى واقعي ينطوي على فكرة
الديمقراطية
والدعوة إلى الحرية والمساواة بين
البشر. وقد كللت جهوده بنظرياته
العظيمة لاسيما الليبرالية
والاشتراكية والديمقراطية والتربوية.
فمن يقرأ فلسفة جون ديوي يجب ألا
تقتصر بصيرته على الأفكار التي
يستعملها كأدوات لحل المشكلات التي
تصادفنا فحسب بل عليه أن يوجه جل
نظرته حول ما
تشتمله من عوالم تدور حول الحياة
الاجتماعية، وفهم مغزاها الذي يرمي
علينا بأي شكل أن نتنازل عن تلك الصور
المبهمة والأفكار التقليدية وتنظر إلى
الأشياء
من زاوية جديدة توافق التطورات
العلمية والتكنولوجية في العالم،
فأفكار ديوي وفلسفته كالبحر مهما غرفت
منها لا تنتهي كما قال المفكر العراقي
نوري جعفر». على
ذلك،
فموضوع مؤلفنا الموسوم بـ «الفلسفة
الأداتية مشروع تجديد في النظريات
السياسية والاقتصادية»، لم يتحدد بعرض
النظريات السياسية والاقتصادية عند
هذا الفيلسوف فحسب، بل جاء كبحث شامل
لكافة الأفكار السياسية والاقتصادية
التي قال بها فلاسفة العصور اليونانية
والوسيطة والحديثة وحتى المعاصرة
والتي
أهم
ما يميزها الاختلاف في الآراء
والمعاني والنظريات المطروحة سواء على
صعيد تفسيرهم لنظرية الدولة والأنظمة
السياسية، أو دراستهم الشؤون
الاقتصادية،
أو
بحثهم في العلاقة التي تربط السياسة
بعلم الاقتصاد.
قسم الكاتب كتابه الى أبواب عديدة وهي
:
الباب الاول : في سيرة حياة الفيلسوف
جون ديوي .
الباب الثاني : فلسفة السياسة
الاداتية عند جون ديوي .
الباب الثالث : فلسفة القانون
والعدالة عند جون ديوي .
الباب الرابع : فلسفة علم الاقتصاد
الاداتية .
الباب الخامس : البحث في أصل العلاقة
بين السياسة والاقتصاد.
|