202العدد (166) - اذار - 2025

اتصل بنا   

الارشيف   

اسرة المجلة

الصفحة الرئيسية                                                     

اهلا  وسهلا  بكم في مجلة  روافد  ثقافية  الالكترونية الصادرة عن دار الكتب و الوثائق


عروش بابل ونينوى رحلة الألف ميل من البحر إلى البحر
جون فيليب نيومان دي دي – ترجمة محمد حسن علاوي
بغداد – دار المأمون - 2024
335 صفحة
 


      

      يُعدّ كتاب "عروش بابل ونينوى: رحلة الألف ميل من البحر إلى البحر" من أبرز الأعمال الأدبية التي تمزج بين أدب الرحلات والتاريخ، حيث ينقل القارئ في رحلة فريدة عبر الزمن والجغرافيا، ممتزجة بالحنين إلى حضارات

 غابرة ومشاهد نابضة من أرض الرافدين. هذا الكتاب هو نتاج تجربة ميدانية حيّة خاضها المؤلف عبر أراضي العراق القديمة، مستعيدًا من خلالها صدى ممالك سادت ثم بادت، كالعروش العظيمة التي قامت في بابل ونينوى. يُلقي

 الكتاب الضوء على مسارات تاريخية وإنسانية عميقة، لا من خلال عرض جاف للوقائع، بل من خلال رحلة مليئة بالمشاهد والتأملات والانطباعات الشخصية التي تبعث الحياة في أطلال الماضي.
يبدأ الكتاب برحلة من البحر إلى البحر، في سردٍ استثنائي يتعقب أثر الحضارة، ويتوقف عند معالمها الكبرى، من بابل الساحرة بجدرانها وأساطيرها، إلى نينوى العظيمة بعروشها المطمورة وكنوزها المجهولة. لا يسعى المؤلف إلى مجرد

رصد المعالم الأثرية أو وصف المدن، بل يتعمق في فهم الروح التاريخية للمكان، ويستنطق الذاكرة الجماعية للشعوب التي عاشت وتفاعلت مع هذه الأرض. كما يقدم مشاهد حيّة من واقع الحياة العراقية الحديثة، وما يعتريها من تناقضات ما بين المجد القديم والتحديات الراهنة، لتكتسب الرحلة طابعًا مزدوجًا: استكشاف الماضي وتحليل الحاضر.
يتسم أسلوب المؤلف بسلاسة لغوية وثقافة موسوعية، تمكّنه من الربط بين الأسطورة والتاريخ، وبين الشعر والواقع. فهو لا يكتفي بسرد الوقائع التاريخية، بل يدمج معها الأساطير السومرية والبابلية، والاقتباسات من الأدب الملحمي

لقديم، ما يمنح الكتاب بعدًا فنيًا وجماليًا فريدًا. كما أن اللغة الشعرية التي يستخدمها، تجعل القارئ يشعر وكأنه يسير بجوار المؤلف على ذات الدروب، يستنشق غبار المدن القديمة، ويستمع إلى صدى الممالك الغابرة في الريح.
تتجاوز أهمية الكتاب كونه وثيقة أدبية أو رحلة استكشافية، فهو أيضًا محاولة لفهم الذات من خلال فهم الجذور. إن التفاعل بين الماضي والحاضر، وبين المؤلف والمكان، يشكل جوهر هذه الرحلة. ففي كل محطة من محطات الألف

 ميل، هناك تساؤل حول الهوية والانتماء، حول أثر الزمان في الإنسان، وحول قدرة التاريخ على البقاء في الذاكرة رغم النسيان. ولذلك، يُعد هذا الكتاب أيضًا دعوة للتأمل في ما تركته الحضارات القديمة من رسائل خفية، وما يمكن

 للإنسان المعاصر أن يتعلمه منها.
في النهاية، فإن "عروش بابل ونينوى" ليس مجرد كتاب عن أطلال الماضي، بل هو مرآة تعكس الحاضر، ومفتاح لفهم أعماق الإنسان الشرقي، الباحث عن ذاته وسط ركام التاريخ وصراعات الواقع. إنها رحلة أدبية وتاريخية وفلسفية،

 تأسر القارئ منذ الصفحة الأولى، وتدعوه لمرافقة المؤلف في دربٍ طويل، لكنه ممتلئ بالدهشة والمعرفة والجمال.
يتكون الكتاب من ثمان فصول وهي :
الفصل الاول: فوق الخليج العربي توقعات رائعة .
الفصل الثاني: اراض تاريخية توقعات وعواطف .
الفصل الثالث: خمسة أيام بين آثار بابل القديمة .
الفصل الرابع : الابحار على نهر دجلة .
الفصل الخامس: بين أثار نينوى القديمة .
الفصل السادس: اكتشاف مكتبة آشور باني بال الملكية .
الفصل السابع: المسيحية في الشرق .
الفصل الثامن : الانطلاق من الموصل .