202العدد (166) - اذار - 2025

اتصل بنا   

الارشيف   

اسرة المجلة

الصفحة الرئيسية                                                     

اهلا  وسهلا  بكم في مجلة  روافد  ثقافية  الالكترونية الصادرة عن دار الكتب و الوثائق

 

 

مكانة قطر في الإدراك الاستراتيجي الامريكي منذ عام 2003 وآفاقها المستقبلية
ريام عبد الرضا سعدون العبيدي – رسالة ماجستير
كلية العلوم السياسية – الجامعة المستنصرية - 2024
189 صفحة
 



        أحدثت قطر تحولاً نوعياً في توظيف قدرة الدولة وعناصر القوة غير التقليدية للصعود في بيئتها الإقليمية، إذ تعد قطر من ضمن نماذج النجاح القائم على تبني التخطيط الاستراتيجي في بناء مرتكزات تأثير فاعلة في

 إطار حركة التفاعل الدولي. ونتيجة لهذا المسار المتطور من إدراك مكامن القدرة على التأثير انطلاقا من إدراك مقومات الذات، وامتلاك محفزات البناء السياسي الصحيح ومقومات أداء خارجي، تمكنت قطر من تكوين صورة

متقدمة في الإدراك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة شهدت تصاعدا للأدوار الدولية، واحتدام المنافسة الإستراتيجية في مناطق النفوذ العالمية، فضلا عن توجه القوى الفاعلة في النظام الدولي نحو بناء تحالفات

إستراتيجية للتأثير في شكل ومضمون التوازنات القائمة سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، مما يطرح الحاجة إلى ادوار مساعدة توكل إليها مهام محددة تكون قادرة على انجازها بما تمتلكه من عناصر تأثير سياسية،

 واقتصادية، وإعلامية، واجتماعية، فضلا عن امتلاكها تقنيات التأثير الداخلي التي تنبع من البيئة التي تنتمي إليها إلى جانب القدرة على النفاذ واختراق الأزمات وإدارتها .
كل هذه المعطيات أثارت رغبة الباحثين والمختصين في الشؤون الدولية لدراسة هذا الدور الذي تمثله قطر، وطبيعة الإدراك الاستراتيجي الأمريكي لها ، فضلا عن اتجاهات التوظيف التي تتبناها الولايات المتحدة، والتي تضع قطر

 على سلم أولوياتها سواء في الشرق الأوسط أو على المستوى الدولي.
ولابد من الإشارة إلى أن بروز قطر بوصفها طرفاً فاعلاً في الإستراتيجية الأمريكية، وقدرتها على الأداء يُعد تحولاً في مفهوم قوة الدولة، وكذلك في مفاهيم عناصر القوة التي طالما ارتبطت بالمساحة والإقليم وعدد السكان والجوانب

العسكرية ، ذلك لأن قطر استطاعت أن تؤسس لتجربة تختلف فيها معايير القوة ، بل طرحت قطر توجها لدراسة تطور معايير القوة واختلاف تأثيرها ووزنها في العلاقات الدولية. فهذه الدولة التي توصف بالهامشية تمكنت عبر إدراك

 الذات والتوظيف الاستراتيجي للإمكانات من تحقيق نقلة نوعية في عناصر قوة الدولة و إنشاء مكانة لنفسها في نظام دولي روج لمرحلة طويلة لفكرة القوة الصارمة والقدرات العسكرية المتفوقة بوصفها أساساً للتأثير في السياسة

 العالمية. مما أسهم في إحداث قراءة جديدة لمعطيات ترتبط بالنظريات الواقعية التي تفسر القوة في النظام الدولي.
ولو أمعنا النظر في العوامل المنبثقة من دولة قطر والمحيطة بها لوجدنا أن هذه الدولة تعاني من حقائق الضعف الجغرافي والبنيوي، ومعطيات ضعف ليست كامنة بسبب المساحة والموقع والجوار، إلا أنها تمكنت من تغيير

 توجهاتها من دولة تابعة ليس لديها استقلالية إلى فاعل لا يستهان به في الشؤون الإقليمية والدولية. إن صعود قطر هو نتاج لتبني قيادتها لمنهج التخطيط الاستراتيجي إذ انتهجت قطر إستراتيجيات نوعية مكنتها من تجاوز

حدود ثقلها بهدف ترسيخ حضورها إقليمياً ودولياً، وتنفذ قطر أهدافها باستخدام أدوات فريدة بشكل استراتيجي لتسهيل وتعزيز نفوذها الجيوسياسي، وتشمل هذه الأدوات استخدام وسائل الإعلام من خلال(قناة الجزيرة)، وتعزيز

 العلاقات السياسية، والتحوط الاستراتيجي، والاستثمارات الضخمة والعلامات التجارية، والدبلوماسية والوساطة النشطة، والتحالفات. هذه الأدوات منحت قطر قدرة غير متماثلة على اختصار العناصر التقليدية للقوة ، وهو ما يمكن

 قطر من التغلب على العقبات المختلفة التي تعيق قدرة الدول الصغيرة على ممارسة نفوذها وقوتها في الشؤون العالمية، وهذا ما مكنها ايضا من إنجاح توجهها لكسب الاعتراف والتأثير في الساحة الدولية وجذب اهتمام الولايات

 المتحدة الأمريكية، وهو ما يتناسب مع رغبتها الشاملة في أن تكون مشاركًا رئيسيًا في الشؤون الدولية. كل هذه المحفزات دفعت الولايات المتحدة إلى ايلاء قطر مكانة متميزة في تفكيرها الاستراتجي لينتقل هذا التفكير نحو

 مرحلة الإدراك المتحقق لمكانة هذه الدولة ودورها لتتكون الرؤية الإستراتيجية الأمريكية لتوظيف قطر في إستراتيجيتها تجاه قضايا المنطقة والعالم .
وتجدر الاشارة الى أن قطر في سياق بناء دورها الاستراتيجي استخدمت مجموعة من الأدوات والوسائل كان في مقدمتها توظيف المال في السياسة، والتحوط الاستراتيجي وهو إطار من العمل المتوازن الذي تلجأ إليه الدول

الصغيرة في التفاعل مع الدول الأكبر ذات المصالح المتنافسة، من خلال الاستخدام المتزامن لسياسات متناقضة تهدف إلى استرضاء جميع الأطراف. فضلا عن سياسات التدخل والتأثير الداخلي في عدد من القضايا الدولية .

كما تطرح قطر نفسها (كوسيط ثقة) للوساطة في ملفات ومشكلات كبيرة. كما تتبنى قطر مساراً متوازناً ومتشعباً من العلاقات مع القوى الكبرى ومع أطراف من غير الدول كحماس وطالبان..ولا يفوتنا ذكر أن قطر وفي سياق

أدوات التأثير تضع في أولوياتها ألامساك بالمحركات الحاسمة للعديد من الأزمات والقضايا من خلال علاقاتها ودورها تجاه أطراف الأزمات وتحركها من داخل الأزمة لامتلاكها القدرة على النفاذ والتفكيك ومن ثم الصياغة .
وبالمحصلة فان هذه الرسالة تسعى إلى بيان وتحليل المكانة التي تمتاز بها قطر في الإدراك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية من خلال توظيف أدواتها الإستراتيجية ومقومات القوة التي تملكها، والتركيز بشكل كبير على

 فهم دوافع الولايات المتحدة لتوظيف الدور القطري، فضلاً عن أهدافها الإستراتيجية. وستركز هذه الدراسة أيضًا على الكيفية التي يمكن بها للولايات المتحدة من تحقيق التوازن في الشراكة والتعاون مع قطر، وما توفره

 قطر للولايات المتحدة في التغلب على العقبات الجيوسياسية المعقدة التي تواجهها عند التعامل مع منطقة الشرق الأوسط.
وقسمت الرسالة الى عدة فصول وهي :
الفصل الأول : تحولات البيئة الإستراتيجية الخليجية بعد عام 2003 واتجاهات تكوين الإدراك الاستراتيجي الأمريكي لتحولات البيئة الخليجية .
الفصل الثاني: الأداء الاستراتيجي الأمريكي تجاه قطر .
الفصل الثالث فخُصِصَ لدولة قطر في الاتجاهات المستقبلية في الإدراك الاستراتيجي الأمريكي من حيث الاتجاه المستقبلي نحو تعزيز الشراكة الإستراتيجية وزيادة توظيف الدور القطري في السياسة الأمريكية .