اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة ودورها
في تسوية المنازعات التجارية الدولية
أحمد عباس المنصوري
بيروت – شركة المعارف - 2025
419 صفحة

الآونة الأخيرة برزت الوساطة كإحدى
الوسائل البديلة لتسوية المنازعات
التجارية الدولية Alternative
Disputes Resolution رغبة من أطراف
النزاع في التحرر من الإجراءات
الشكلية المصاحبة للتقاضي
أمام محاكم الدولة أو الهيئات
التحكيمية المختلفة، والتي أصبحت تؤثر
سلباً في النزاع وتكلفته والوساطة هي
عملية تسوية المنازعات، يتم فيها
إستخدام طرف ثالث محايد يسمى الوسيط
لمساعدة الأطراف المتنازعة في الوصول
إلى اتفاق ودي، حيث إن الوسيط لا يملك
سلطة إتخاذ القرارات ولكنه يساعد
الأطراف في التواصل وفهم وجهات نظر
بعضهم البعض والعمل على إيجاد حل يرضي
جميع الأطراف وتتميز الوساطة بكونها
أقل تكلفة وأسرع
من الإجراءات القضائية التقليدية
وتساعد في الحفاظ على العلاقات : بین
المتنازعة الأطراف وفي هذا الإطار تم
إعتماد اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة
والمعروفة أيضاً باسم "اتفاقية الأمم
المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية
المنبثقة عن الوساطة في جلسة الجمعية
العامة للأمم المتحدة رقم 62 في 20
ديسمبر 2018 والتي دخلت حيز النفاذ 12
سبتمبر 2020، وتهدف هذه الاتفاقية إلى
تعزيز وتشجيع استخدام الوساطة كوسيلة
فعالة لتسوية
النزاعات الدولية وتسهيل الإعتراف
والتنفيذ الفوري لاتفاقات التسوية
الناتجة عن الوساطة في الدول الأعضاء
وتعزيز الثقة في الوساطة كأداة لتسوية
النزاعات الدولية عن طريق توفير إطار
قانوني واضح ومحدد.
تنطبق الاتفاقية على اتفاقات التسوية
الناتجة عن الوساطة المتعلقة بنزاعات
تجارية عبر الحدود ولا تشمل الاتفاقية
اتفاقات التسوية التي يتم إبرامها
لأغراض شخصية أو عائلية أو متعلقة
بالإرث، حيث تحدد المادة الأولى منها
نطاق
التطبيق، بينما توضح المادة الثالثة
متطلبات الإعتراف والتنفيذ، وضعت
المادة الرابعة من اتفاقية سنغافورة
بشأن الوساطة إطاراً تهدف من خلاله
تسهيل تنفيذ اتفاقات التسوية الناتجة
عن الوساطة على المستوى الدولي،
مما إعتراف الدول المختلفة بهذه
الاتفاقات وتنفيذها بشكل مباشر وفعال
من جهة، وتعزيز إستخدام الوساطة
كوسيلة ودية رضائية لحل المنازعات عبر
الحدود من جهة أخرى. كما حددت المادة
الخامسة الظروف التي يمكن فيها
رفض الإعتراف أو التنفيذ مثل حالات
الإحتيال أو عدم الامتثال للاتفاق.
ومع دخول اتفاقية سنغافورة حيز
التنفيذ ظهرت تساؤلات حول مدى إنطباق
هذه الاتفاقية على نوع خاص من
النزاعات الدولية، وهي منازعات
الاستثمار بين الدول والمستثمرين
الأجانب، حيث تتسم منازعات الاستثمار
بتعقيداتها
الفريدة وطبيعتها الحساسة، إذ غالباً
ما تتعلق بمسائل سيادية وقانونية
دقيقة تتجاوز إطار النزاعات التجارية
التقليدية. كما أن هذه المنازعات عادة
ما تحكم باتفاقيات استثمار ثنائية أو
معاهدات متعددة الأطراف،
مما
يثير تساؤلات حول كيفية تكييف الوساطة
كآلية لحلها ضمن هذا السياق القانوني
والسياسي الخاص. وعلى الرغم من أن
اتفاقية سنغافورة تُعنى بالدرجة
الأولى بتسوية النزاعات التجارية
الدولية والمنبثقة عن الوساطة،
إلا
أن الطبيعة الشاملة لمجال تطبيقها
تفتح الباب أمام إمكانية إستخدامها في
تسوية منازعات الاستثمار.
ومن خلال تبني اتفاقية سنغافورة بشأن
الوساطة، تُعبر الدول عن التزامها بحل
المنازعات بطريقة سلمية وفعالة مما
يعزز الثقة في البيئة التجارية
الدولية، كما وتكون بذلك قد خطت الأمم
المتحدة خطوة كبيرة نحو تعزيز
الوساطة
كأداة أساسية لتسوية المنازعات
الدولية بطريقة تسهم في تحقيق
الاستقرار والتعاون بين الدول.
وقسم الكتاب الى عدة فقول وهي:
الفصل الاول: الاحكام العامة للوسائل
البديلة لتسوية المنازعات التجارية
الدولية .
الفصل الثاني: اتفاقية الامم المتحدة
بشأن اتفاقيات التسوية المنبثقة عن
الوساطة (اتفاقية سنغافورة بشأن
الوساطة). |