|
الفقر مقاربات نظرية ونماذج تطبيقية من
العراق والعالم
فارس كمال نظمي
السماوة – دار مسامير - 2025
420 صفحة

لماذا يحق للمالكين أن يملكوا ؟ ولماذا
على الفاقدين أن يفقدوا ؟ هل ثمة تفسير
أخلاقي أو علمي يبرر هذا الامتلاك وهذا
الفقدان اللذين رافقا الحضارة منذ
بداياتها؟ وهل الفقر مؤشر على سوء
تنظيم اجتماعي فحسب؟ إم إنه
معضلة أخلاقية أيضاً تتحدى قوانين الطبيعة
والمجتمع؟ وكيف يمكن تقديم مقاربات فكرية
مستقرة لمفهوم متحرك له عدد لا يحصى من
التعريفات المتباينة، كمياً
ونوعياً ؟ وهل أصبح الفقر موضوعاً
شائعاً ومألوفاً حد بطلان الاهتمام العلمي
المتجدد به؟ أم ما يزال موضوعاً يستثير
التحفيز الذهني والدهشة المعرفية
والمساءلة الأخلاقية؟ وهل يمكن حقاً البحث
في الفقر والإفقار دون البحث في الغنى
والامتلاك؟
فالمحرومون لا يجلدهم شظف العيش وشحة
السعرات الحرارية فحسب، بل تُنتهك أيضاً
كرامتهم الآدمية كل يوم بحشرهم في زنزانات
التخلف واليأس والذل والخواء والإحباط
والاغتراب والاكتئاب والتطرف
بمنأى عن الحراك البشري السوي
بمدياته المفتوحة على غايات سامية للحياة
وتلك هي العاقبة الاعتلالية المأساوية
التي عاشها عبر العصور، ويعيشها اليوم
مئات الملايين من البشر في مختلف
القارات، إذ يولدون ويموتون في
ظروف أقل ما يُقال عنها أنها تصيب أي ضمير
حي بالقنوط والشعور بالعار ولم يكن
المهاتما غاندي مبالغاً بقوله: «الفقر
أسوأ أشكال العنف»، وأيضاً منظمة الصحة
العالمية بتصريحها الشهير 1995:
«الفقر المدقع هو أكثر القتلة قسوة في
العالم، وأكثر أسباب المعاناة على وجه
الأرض».
استخدام السياق المنهجي الذي يرتأيه بما
في ذلك أسلوبه في الاقتباس وطريقة توثيق
المصادر كما إن تسلسل النصوص في الكتاب لا
علاقة له بأسماء الباحثين أو بسيرتهم
الأكاديمية، بل خضع لمعيار
موضوعي يتعلق بتنظيم موضوعات
الكتاب، فارتأيت أن يبدأ بالنصوص التي
تغلب عليها المعالجة النظرية لظاهرة الفقر
بهدف تقديم توطئة فكرية أساسية، لتتبعها
النصوص التي يغلب عليها الطابع
التطبيقي الخاص بالعراق حصراً،
وكل ذلك في إطار مفاهيمي متسق.
يتألف الكتاب من 10 أوراق بحثية، في
اختصاصات متعددة (فلسفية اقتصادية سياسية
اجتماعية نفسية قانونية أدبية)، قدمها
باحثون من داخل العراق وخارجه. وقد اختصت
أغلب الأبحاث بالفقر في
العراق تحديداً، فيما اختص بعضها
بمفهومه العالمي العابر للبلدان وإجمالاً،
فإن الكتاب يدرس الفقر من منظور ميكروي
مجهري (من الأسفل)، ويدرسه أيضاً من منظور
ماكروي فوقي من الأعلى في
الوقت نفسه، أي من منظور مركب يجمع بين
العمليات النفسية والاجتماعية والسياسية
والاقتصادية والثقافية بمختلف مستوياتها
إن مبتغانا الأساسي في هذا الكتاب يتلخص
بمحاولة تحقيق إضاءات
جدية لمستويات معتمة أو غير
معروفة من ظاهرة الفقر في إطاريها العراقي
والعالمي على حد سواء.
كما نأمل أن نسبياً في استنطاق ما هو
مسكوت عنه في الحقل الأكاديمي العراقي،
بسعينا لإعادة الاعتبار لقضايا المحرومين
والمهمشين والمستبعدين لتكون مواد أساسية
للبحث العلمي الاجتماعي
تشخيصياً وعلاجياً، بعيداً عن
الترف والتسطيح الأكاديميين . |